في لحظة فارقة، تصدّرت قمة بريكس في ريو دي جانيرو المشهد السياسي الدولي بدعوة حاسمة إلى وقف إطلاق نار غير مشروط في غزة، ما قد يُمهّد لتحوّل جوهري في مجريات الأزمة الفلسطينية.
في إعلان مشترك صدر الأحد عن قادة دول مجموعة “بريكس”، دعت المجموعة إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة، الذي يعاني من حرب مستمرة منذ أكثر من عشرين شهرًا. وجاءت هذه الدعوة في ظل تصاعد التوترات الإقليمية واستئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة.
موقف موحد وسط انقسامات دولية
دعوة للسلام والانسحاب الكامل من غزة
أكد البيان الختامي للقمة على ضرورة “انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة”. كما شدد على أهمية أن تبذل جميع الأطراف جهودًا مخلصة لإنهاء العنف والتوصل إلى حل دائم يحترم حقوق الشعب الفلسطيني.
هذا الموقف يُعد من أبرز التحركات الجماعية لدول نامية وذات ثقل سياسي واقتصادي، ما يعكس رغبة في كسر الجمود الدولي الذي طبع التعامل مع ملف غزة خلال الأشهر الماضية.
دعم قوي لحل الدولتين
غزة والضفة… تحت إدارة فلسطينية واحدة
في تحول لافت، أكدت “بريكس” على ضرورة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت إدارة مركزية واحدة بقيادة السلطة الفلسطينية. ووصفت المجموعة غزة بأنها “جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة”، مؤكدة على “حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة”.
أشارت المجموعة إلى دعمها الكامل لإقامة دولة فلسطين ضمن حدود 1967، تعيش جنبًا إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمن، وهي الرؤية التي تلاشت ملامحها في الأعوام الأخيرة بفعل النزاعات والتغيرات الجيوسياسية.
توقيت حساس ومحادثات حاسمة
الدوحة مجددًا في واجهة الوساطة
تتزامن دعوة بريكس مع استئناف محادثات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل في الدوحة، وهو ما يعكس وجود زخم دولي متجدد لحل الأزمة. ومن المتوقع أن يناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الملف ذاته خلال زيارته إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أبدى تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق في الأسبوع المقبل.
ويبدو أن الضغط الدولي المتصاعد، من أطراف متعددة، قد يُسهم في خلق بيئة سياسية مناسبة للدفع نحو تهدئة شاملة.
موقف حازم من الضربات على إيران
“بريكس” تندد بالتصعيد وتدعو لاحترام القانون الدولي

لم تقتصر القمة على الملف الفلسطيني، بل تطرقت أيضًا إلى التوترات مع إيران. فقد نددت “بريكس” بالضربات العسكرية التي استهدفت مواقع عسكرية ونووية في إيران، ووصفتها بأنها “انتهاك واضح للقانون الدولي”.
ورغم تجنب البيان تسمية أطراف بعينها، إلا أن سياق الأحداث يشير إلى أن الضربات نُسبت إلى إسرائيل والولايات المتحدة. وأعرب القادة عن “قلقهم البالغ من استهداف البنية التحتية المدنية والمواقع النووية السلمية”، محذرين من مخاطر تصعيد قد يمتد إلى الإقليم بأسره.
توازن حساس داخل التحالف
طهران تضغط… وبيان موحد في النهاية
تشير مصادر دبلوماسية إلى أن هناك خلافات داخلية داخل دول “بريكس” بشأن نبرة البيان، خاصة فيما يتعلق بإدانة الضربات الإسرائيلية. غير أن طهران، العضو الجديد في التحالف، دفعت باتجاه لهجة أكثر حدة، ما أسفر عن بيان نهائي متماسك يعكس دعمًا موحدًا للموقف الإيراني.
هذه الديناميكية الجديدة داخل “بريكس” تُظهر أن التحالف لم يعد مجرد إطار اقتصادي، بل تحول إلى فاعل جيوسياسي متداخل في قضايا السلم والأمن.
هل تؤثر “بريكس” في ميزان القوى؟
مع توسع عضويتها لتشمل دولًا كإيران، السعودية، مصر، والإمارات، أصبحت “بريكس” اليوم أكثر تنوعًا من أي وقت مضى. هذا التكتل بات يمتلك القدرة على التأثير في الأجندة العالمية، خاصة في ما يخص الأزمات المستعصية مثل الملف الفلسطيني.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح دعوة “بريكس” في تغيير مسار الحرب في غزة؟ أم أن القوى الكبرى ستبقى المتحكم الرئيسي في مفاتيح الحل؟
الخاتمة
تمثل دعوة قمة “بريكس” إلى وقف إطلاق النار في غزة لحظة مهمة في الجهود الدولية لإنهاء الصراع. فهي تحمل في طياتها رسالة سياسية واضحة بأن إنهاء الحرب لم يعد خيارًا، بل ضرورة إنسانية واستراتيجية. ومع انخراط أطراف دولية مؤثرة، يبقى الأمل قائمًا في تحقيق تسوية عادلة تضمن الأمن والسلام للجميع.
لمتابعة احدث الأخبار حول العالم اضعط هنا – تابعنا عبر فيسبوك لمتابعة احدث واخر الاخبار عبر صفحتنا في فسيبوك وباقي مواقع التواصل .