في تحرك يُنذر بتصعيد تجاري واسع، أعلنت واشنطن أنها ستبدأ تطبيق الرسوم الجمركية الأميركية المشددة على عدد من شركائها التجاريين مطلع أغسطس، ما لم يتم التوصل إلى اتفاقات نهائية، خاصة مع الاتحاد الأوروبي، وسط توقعات بأن يكون لهذه الخطوة تأثير بالغ على الاقتصاد العالمي وتدفقات التجارة عبر الأطلسي.
قرار حاسم: لا تمديد جديد للمهلة
لوتنيك يعلن انتهاء فترات السماح
صرّح وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك أن المهلة المحددة لتطبيق الرسوم الجمركية ستنتهي في الأول من أغسطس، مؤكدًا أنه “لا توجد تمديدات ولا فترات سماح”، وأن الجمارك الأميركية ستبدأ فعليًا في جمع الرسوم فور انتهاء المهلة.
هذا التصريح أنهى أي تكهنات بشأن إمكانية تأجيل إضافي، وأكد أن قرار الإدارة الأميركية حاسم ولا رجعة فيه، ما يزيد من حدة الضغوط على الشركاء التجاريين، وفي مقدمتهم الاتحاد الأوروبي.
خلفية الأزمة: 90 يومًا من المحادثات المتوترة
ترامب يطلق المهلة في أبريل
في أبريل الماضي، منح الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي مهلة مدتها 90 يومًا للتفاوض حول اتفاق تجاري جديد، على أن تنتهي في التاسع من يوليو.
وخلال هذه الفترة، شهدت العلاقات التجارية بين الطرفين توترات متصاعدة، خصوصًا في ظل تهديد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 50% على الواردات الأوروبية.
تمديد محدود… بلا نتائج حاسمة
رغم تشدد الموقف الأميركي، وافق ترامب في مايو على تمديد المهلة حتى يوليو، استجابة لطلب من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي أكدت أن بروكسل بحاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى اتفاق متوازن.
لكن مع انتهاء المهلة، بدا أن التقدم في المحادثات لم يصل إلى المستوى الذي يرضي الإدارة الأميركية، ما دفعها لتفعيل إجراءاتها الجمركية.
محادثات اللحظة الأخيرة: هل تنجح في تفادي التصعيد؟
لقاء مرتقب في اسكتلندا
توجهت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى اسكتلندا لعقد لقاء مباشر مع ترامب، الذي كان قد وصل قبل أيام في زيارة تتضمن اجتماعات رسمية وممارسة رياضة الغولف.
وصرّح ترامب بأن فون دير لاين “زعيمة تحظى باحترام كبير”، مضيفًا أن هناك فرصة بنسبة 50% للتوصل إلى اتفاق تجاري إطاري، سيكون، بحسب تعبيره، الأكبر الذي توقعه خلال ولايته.
حضور أميركي رفيع المستوى
غادر كل من الممثل التجاري الأميركي جيميسون غرير، ووزير التجارة هوارد لوتنيك، إلى اسكتلندا لإجراء مشاورات مع مسؤولي التكتل الأوروبي، تمهيدًا لاجتماع القمة بين ترامب وفون دير لاين.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الوفد الأميركي حمل معه رؤية نهائية للاتفاق، تتضمن بنودًا واضحة تتعلق بفتح الأسواق الأوروبية أمام المنتجات الأميركية.
مطالب واشنطن: الأسواق مقابل الرسوم
فتح الأسواق الأوروبية للصادرات الأميركية
أكد لوتنيك في تصريحاته أن خفض الرسوم الجمركية المقررة بنسبة 30% مرتبط مباشرة بمدى استعداد الاتحاد الأوروبي لفتح أسواقه أمام المنتجات الأميركية، خاصة في قطاعات الزراعة، والسيارات، والتكنولوجيا.
وقال الوزير الأميركي: “السؤال الحقيقي هو: هل يُقدم الاتحاد الأوروبي عرضًا جيدًا بما يكفي لإقناع الرئيس ترامب بالتراجع عن فرض الرسوم؟”
هدف ترامب: مضاعفة الصادرات الأميركية
يبدو أن الهدف الرئيسي من هذه الضغوط هو زيادة صادرات الشركات الأميركية إلى دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي تقليص العجز التجاري المزمن بين الطرفين.
ويرى مراقبون أن ترامب يسعى إلى اتفاق يحقق توازنًا تجاريًا ويعطي دفعة قوية للاقتصاد الأميركي، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة.
تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد العالمي
خطر تصعيد تجاري عبر الأطلسي
إذا لم تُفضِ المحادثات الجارية إلى اتفاق نهائي، فإن تطبيق الرسوم الجمركية الأميركية قد يؤدي إلى تصعيد تجاري متبادل، حيث من المتوقع أن ترد أوروبا برسوم مضادة على المنتجات الأميركية.
هذا التصعيد سيضعف حركة التجارة الدولية، ويضر بمصالح الشركات على الجانبين، ويخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق.
تقلبات محتملة في أسواق المال
الأنباء عن احتمال فرض رسوم جديدة تسببت بالفعل في حالة من القلق في أسواق المال الأوروبية والأميركية، مع تراجع بعض المؤشرات الرئيسية، وارتفاع المخاوف من اضطرابات سلاسل التوريد.
هل ينجح ترامب في إبرام الاتفاق الأكبر؟
مقارنة مع الاتفاق الياباني
قال ترامب إن الاتفاق المحتمل مع الاتحاد الأوروبي قد يتجاوز في حجمه الاتفاق التجاري الموقع مع اليابان مؤخرًا، والذي بلغت قيمته 550 مليار دولار.
وإذا تم التوصل إلى اتفاق مشابه مع بروكسل، فإنه سيكون أكبر إنجاز تجاري لإدارته، ما يمنحه دفعة سياسية واقتصادية قوية.
الاتحاد الأوروبي يوازن بين الضغط والتفاوض
من جهتها، تحاول بروكسل كسب الوقت والوصول إلى حل وسط يُرضي الجانبين، دون المساس بالمصالح الاقتصادية الأساسية للدول الأعضاء، خصوصًا فرنسا وألمانيا.
الخلاصة: ساعة الحقيقة تقترب
مع اقتراب الأول من أغسطس، يترقب العالم ما إذا كانت المفاوضات الجارية ستثمر عن اتفاق يُنهي أشهرًا من التوتر، أم أن المواجهة الاقتصادية ستبدأ فعليًا على وقع الرسوم الجمركية الأميركية.
المعادلة تبدو واضحة: إما اتفاق متوازن يرضي الطرفين، أو تصعيد جديد يعمّق الانقسام التجاري بين أكبر تكتلين اقتصاديين في العالم.
تابع اخر الاخبار حول الأسواق من هنا . لا تنسى الانضمام الى قناة التليجرام ليصلك كل جديد .