في وقتٍ أصبحت فيه وسائل التواصل ساحة للترفيه السريع والمعلومات السطحية، برز أحمد الغندور، المعروف بـ”الدحيح”، ليقود ثورة في تبسيط العلوم، مقدمًا محتوى يجمع بين العمق المعرفي وروح الدعابة. نجح في جذب ملايين المشاهدين، وأعاد تعريف العلاقة بين الجمهور والعلوم.
من طالب أحياء إلى نجم علمي على يوتيوب
البداية من شغف علمي بسيط
نشأ أحمد الغندور في مدينة المنصورة، ودرس علم الأحياء في الجامعة الأمريكية بالقاهرة. كانت البداية أشبه بتجربة شخصية شارك فيها ضمن مسابقة علمية بسيطة، لكن سرعان ما تحولت تلك التجربة إلى فكرة رائدة لصناعة محتوى علمي يوازي في جودته ما يُنتج عالميًا.
“الدحيح”: الاسم الذي أصبح ظاهرة
في عام 2014، أطلق الغندور قناته على يوتيوب تحت اسم “الدحيح”، لتصبح خلال سنوات قليلة واحدة من أبرز المنصات العربية في مجال تبسيط العلوم. اعتمد على أسلوب ساخر ومبسط لتناول موضوعات معقدة كالنظرية النسبية، الذكاء الاصطناعي، علم النفس، والكونيات، بأسلوب يفهمه الجميع، مهما كان مستواهم التعليمي.
مراحل تطور برنامج “الدحيح”
التعاون مع AJ+ والتحول إلى الاحترافية
شكل التعاون مع شبكة AJ+ عام 2017 نقطة تحوّل كبيرة في مسيرة “الدحيح”، حيث أصبح البرنامج يُنتَج بمستوى احترافي، مما ضاعف انتشاره ووصل إلى جمهور واسع في الوطن العربي. استمر التعاون حتى منتصف عام 2020 حين أعلنت الشبكة توقف البرنامج لأسباب إنتاجية، وهو ما شكّل صدمة للكثير من المتابعين.
العودة بوجه جديد على منصات مختلفة
لم يتوقف الغندور عند هذا الحد، فعاد في أكتوبر 2020 من خلال برنامج “متحف الدحيح” الذي بُثّ على منصة شاهد، جامعًا بين الثقافة، الكوميديا، والدراما التمثيلية الخفيفة. وفي 2021، انتقل لتقديم “الدحيح” على قناة أكاديمية الإعلام الجديد، ثم على قناة “متحف المستقبل”، مواصلًا تقديم محتوى علمي ثري بأسلوبه المعروف.
منهجية تبسيط العلم بروح ساخرة
الكوميديا كأداة تعليمية
يمتاز “الدحيح” بقدرته على استخدام الكوميديا بطريقة ذكية تُخفّف من تعقيد المادة العلمية دون أن تفقدها مضمونها. هذا الأسلوب جعله مختلفًا عن غيره من صنّاع المحتوى التعليمي، وساهم في جذب فئات لم تكن تهتم سابقًا بالعلوم.
رسالة تتجاوز الترفيه
أكد الغندور في أكثر من مناسبة أن هدفه الأساسي ليس فقط تقديم المعرفة، بل المساهمة في إحداث تغيير ثقافي حقيقي. يرى أن العلوم والفلسفة هما أداتان أساسيتان للنهوض الفكري والاجتماعي، خاصةً في مجتمعات تعاني من تحديات فكرية وتربوية.
التكريم والتأثير في العالم العربي
جوائز وتقديرات دولية
نال “الدحيح” مكانة متميزة في الإعلام العربي، حيث أُدرج اسمه في قائمة أكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم العربي عام 2018. كما تم اختياره ضمن القائمة القصيرة لجائزة IBC العالمية عام 2019، التي تُمنح للشباب المؤثرين في مجال الإعلام.
تقدير الشباب العربي
اختاره مركز الشباب العربي ضمن قائمة “رواد الشباب العربي”، التي تضم شخصيات عربية لم تتجاوز الـ35 عامًا، وقد حققوا إنجازات ملموسة في مجتمعاتهم. هذا التكريم يعكس مكانة الغندور كرمز للشباب الطموح والمثقف في الوطن العربي.
في مرمى الانتقادات
اتهامات بنشر أفكار مثيرة للجدل
رغم النجاح الكبير، لم يسلم أحمد الغندور من الانتقادات، حيث اتهمه البعض بالترويج لأفكار تتعارض مع القيم الدينية. بعض الحلقات مثل تلك التي تناولت الأكوان الموازية وتاريخ جهنم أثارت جدلاً واسعًا، وتعرض بسببها لهجوم من شخصيات أكاديمية ودينية بارزة. إلا أن الغندور لم يرد بشكل مباشر على هذه الانتقادات، مُفضلًا ترك أعماله تتحدث عنه.
ماذا يمثل “الدحيح” لجيل جديد من الشباب؟
محتوى يوازن بين التعليم والتسلية
في بيئة عربية يندر فيها المحتوى العلمي الجذاب، أصبح “الدحيح” يمثل نموذجًا ناجحًا للجمع بين التعليم والترفيه، مقدمًا صورة جديدة عن الشاب العربي القادر على التأثير والتجديد.
الإلهام والمستقبل
أحمد الغندور لا يكتفي بتقديم المعلومات، بل يسعى لإلهام جيل جديد يفكر، يطرح الأسئلة، ويتحدى المفاهيم الجاهزة. هذا التأثير العميق قد يكون أكبر من مجرد عرض علمي؛ إنه مساهمة في بناء ثقافة نقدية ومعرفية في العالم العربي.
تابع اخر الاخبار حول الفن و الثقافة من هنا . لا تنسى الانضمام الى قناة التليجرام ليصلك كل جديد .