في تحرك سياسي لافت يعكس تزايد الأصوات الداعمة للقضية الفلسطينية داخل بريطانيا، دعا أكثر من 220 نائبًا في البرلمان البريطاني حكومة بلادهم إلى اتخاذ خطوة جريئة والاعتراف رسميًا بدولة فلسطين. تأتي هذه المطالبة وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، وتزايد الضغوط على رئيس الوزراء كير ستارمر.
مطالبات تتجاوز الانتماءات الحزبية
في مشهد غير معتاد داخل الأوساط السياسية البريطانية، اجتمع نواب من مختلف التيارات السياسية، بمن فيهم أعضاء من حزب العمال الحاكم وأحزاب المعارضة، على موقف موحد تجاه القضية الفلسطينية. هذه الوحدة النادرة بين أطياف البرلمان البريطاني تحمل دلالات قوية على تحول في المزاج السياسي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية هناك.
توقيت حاسم يسبق تحركًا دوليًا أوسع
تأتي هذه الخطوة في توقيت بالغ الحساسية، لا سيما مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة. هذا الإعلان من قبل فرنسا، التي تُعد من القوى الكبرى عالميًا وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن، يمثل سابقة يمكن أن تفتح الباب أمام سلسلة اعترافات دولية مماثلة، ويضع بريطانيا أمام خيار استراتيجي قد يُعيد صياغة دورها التاريخي في المنطقة.
أبعاد أخلاقية وتاريخية للموقف البريطاني
يرى المراقبون أن الدعوة البرلمانية تتجاوز البعد السياسي، وتحمل في طياتها بُعدًا أخلاقيًا وتاريخيًا. فالعديد من النواب يشيرون إلى مسؤولية بريطانيا التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، لا سيما في ضوء وعد بلفور والدور البريطاني في مرحلة ما قبل قيام دولة إسرائيل. ويعتقد هؤلاء أن الوقت قد حان لتصحيح المسار والاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود متفق عليها.
ضغط متصاعد على رئاسة الحكومة
يجد رئيس الوزراء كير ستارمر نفسه الآن أمام اختبار سياسي معقد. فرغم تعهداته السابقة بالعمل من أجل السلام في الشرق الأوسط، فإنه لم يحدد بعد موقفًا واضحًا من مسألة الاعتراف بدولة فلسطين. وبينما يشير إلى ضرورة أن يكون هذا الاعتراف جزءًا من “حل شامل” للنزاع، فإن المطالبات البرلمانية تضعه في مواجهة مباشرة مع تيارات قوية داخل حزبه وخارجه.
فرنسا تمهد الطريق… فهل تلحق بريطانيا بالركب؟
يُنظر إلى الإعلان الفرنسي باعتباره خطوة استراتيجية قد تعيد تشكيل مواقف الدول الغربية من القضية الفلسطينية. ومع كون بريطانيا عضوًا دائمًا في مجلس الأمن ولها تأثير سياسي وثقافي كبير، فإن اعترافها بدولة فلسطين سيكون له وزن خاص في الساحة الدولية. وقد يؤدي ذلك إلى دفع دول أخرى للحذو حذوها، ما يُعزز فرص تحريك مفاوضات السلام المتعثرة منذ سنوات.
تداعيات محتملة على العلاقات الدولية
لكن هذه الخطوة لا تخلو من تبعات دبلوماسية. فالاعتراف بدولة فلسطين من دون اتفاق ثنائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد يثير استياء تل أبيب وواشنطن، ويؤثر على العلاقات البريطانية مع حلفائها التقليديين. ومع ذلك، يرى البعض أن الاعتراف لا يعني بالضرورة تخليًا عن الدعم لإسرائيل، بل تأكيدًا على ضرورة تحقيق توازن في التعاطي مع طرفي النزاع.
رؤية مستقبلية لحل الدولتين
يستند مؤيدو الاعتراف إلى أن هذه الخطوة تدعم حل الدولتين، الذي طالما رُوّج له باعتباره السبيل الأمثل لإنهاء الصراع. ويؤكدون أن منح الفلسطينيين الحق في إقامة دولتهم لا يتعارض مع أمن إسرائيل، بل يسهم في خلق بيئة سياسية أكثر استقرارًا في المنطقة. كما أن هذا الاعتراف يعزز مكانة بريطانيا كقوة داعمة للعدالة وحقوق الإنسان على الصعيد الدولي.
ردود فعل متباينة في الشارع البريطاني
على مستوى الرأي العام، تتباين المواقف حيال الدعوة البرلمانية. فبينما يرحب العديد من النشطاء والمؤسسات الحقوقية بهذه المبادرة، يعبّر آخرون عن تحفظهم، معتبرين أن الاعتراف الأحادي قد يعرقل الجهود الدبلوماسية الجارية. ومع ذلك، فإن الاتجاه العام يميل نحو التعاطف مع معاناة الفلسطينيين، خاصة في ظل تغطية إعلامية موسعة للواقع الإنساني في غزة.
هل يشكل الاعتراف البريطاني نقطة تحول؟
يبقى السؤال الأهم: هل ستتخذ بريطانيا قرارًا استراتيجيًا بالاعتراف بدولة فلسطين في هذه المرحلة؟ الإجابة لم تتضح بعد، لكن من المؤكد أن التحرك البرلماني الأخير سيضع هذا الملف في صدارة النقاشات السياسية خلال الفترة المقبلة، سواء في البرلمان أو في أروقة الحكومة.
تابع اخر الاخبار حول العالم من هنا . لا تنسى الانضمام الى قناة التليجرام ليصلك كل جديد .