في خطوة مثيرة قد تعيد رسم المشهد السياسي الأميركي، لوّح الملياردير إيلون ماسك بتأسيس كيان سياسي جديد يُعرف باسم “حزب أميركا”، في حال تم تمرير مشروع قانون الإنفاق الجديد. جاء ذلك ضمن سلسلة منشورات غاضبة أطلقها على منصة “إكس”، حيث عبّر عن استيائه العميق من تصاعد الدين القومي، ووجّه انتقادات لاذعة لما وصفه باحتكار الحزبين التقليديين للسلطة.
رؤية سياسية جديدة أم تهديد رمزي؟
لطالما اشتهر إيلون ماسك بخروجه عن المألوف، سواء في عالم التكنولوجيا أو في آرائه السياسية. إلا أن تهديده الأخير بتأسيس حزب جديد يبدو أكثر من مجرد تصريح عابر. بحسب ما جاء في منشوراته، يرى ماسك أن البلاد لم تعد تُدار بما يتوافق مع إرادة الشعب، بل أصبحت رهينة لمصالح نخبوية تتقاسمها القوى السياسية التقليدية.
وأوضح ماسك أن تمرير قانون الإنفاق الحالي سيكون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير، مؤكدًا أنه سيعلن في اليوم التالي مباشرة عن ولادة حزب “أميركا”، والذي سيضع مصلحة المواطن في قلب أجندته.
إنفاق حكومي مفرط يثير القلق
تصريحات ماسك لم تأتِ من فراغ، بل جاءت في ظل نقاش محتدم في واشنطن حول تمرير قانون إنفاق يرفع سقف الدين الوطني بمقدار تاريخي. ويبدو أن ماسك يعتبر هذا التوجه المالي خطرًا على مستقبل الولايات المتحدة، محذرًا من أن الاستمرار في هذه السياسات سيدفع الاقتصاد إلى حافة الهاوية.
وقد استخدم ماسك لغة حادة في انتقاداته، واصفًا الوضع السياسي الأميركي بأنه أشبه بـ”حزب الخنزير البدين”، في إشارة رمزية إلى الإفراط في الإنفاق والانفصال عن هموم المواطن العادي.
انتقادات صريحة للكونغرس
لم يوفر ماسك أعضاء الكونغرس من سهام انتقاده، حيث وجه إليهم اتهامات بالنفاق السياسي، مشيرًا إلى أن بعض النواب الذين وعدوا ناخبيهم بتقليص النفقات الحكومية، صوّتوا لاحقًا على زيادتها دون تردد. ووصف هذا السلوك بأنه خيانة للثقة الشعبية، داعيًا هؤلاء النواب إلى الاعتذار علنًا، متوعدًا بإسقاطهم في الانتخابات التمهيدية المقبلة.
هذا النوع من التصعيد السياسي من شخصية عامة بحجم ماسك ليس بالأمر العادي، ويعكس تنامي شعور متزايد بعدم الرضا بين قطاعات من المجتمع الأميركي حيال توجهات السياسة المالية والاقتصادية في البلاد.
ردود أفعال متباينة
ما بين من يراه منقذًا ومن يصفه بالمغامر، أثار إعلان ماسك المحتمل عن حزب جديد ردود أفعال متباينة. بعض المراقبين اعتبروا الخطوة تعبيرًا عن انسداد سياسي يعاني منه النظام الحزبي الأميركي، بينما حذر آخرون من أن تأسيس حزب ثالث قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام داخل المجتمع.
لكن ماسك يبدو واثقًا من أن هناك قاعدة جماهيرية واسعة تتوق لتغيير حقيقي خارج إطار الحزبين التقليديين، مؤكدًا أن “الشعب الأميركي يستحق صوتًا صادقًا لا يخضع للمساومات الحزبية”.
هل هناك فرص حقيقية لحزب ثالث؟
على الرغم من الهيمنة التاريخية للحزبين الديمقراطي والجمهوري، إلا أن فكرة ظهور حزب ثالث ليست جديدة في السياسة الأميركية. الفرق هذه المرة، أن من يتبنى الفكرة ليس شخصية سياسية تقليدية، بل رجل أعمال عملاق يحظى بتأثير واسع النطاق وقدرة استثنائية على الحشد الإعلامي.
وقد سبق لماسك أن عبّر عن استيائه من آليات الحكم، إلا أن انتقاداته هذه المرة جاءت أكثر حدة وتنظيمًا، ما يثير تساؤلات حول مدى جدّيته في تحويل هذا التهديد إلى مشروع سياسي حقيقي.
هل يتعارض ذلك مع تحالفه السابق مع ترامب؟
رغم أن ماسك كان في السابق من الداعمين لبعض سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب، فإن موقفه الجديد يبدو متجردًا من التحزّب، إذ لم يتطرق بشكل مباشر إلى أي أسماء أو إدارات، بل ركز نقده على المنظومة بأكملها.
وقد فسّر بعض المحللين ذلك على أنه محاولة لاستعادة ثقة شرائح واسعة من الناخبين الذين يشعرون بأنهم لم يعودوا ممثلين داخل الإطار السياسي الحالي.
خاتمة: ملامح تغيير مرتقب؟
التهديد بتأسيس “حزب أميركا” من قبل شخصية بحجم إيلون ماسك يعكس درجة عالية من الغضب والإحباط من السياسات الاقتصادية، لكنه في الوقت ذاته يكشف عن تعطش متزايد لدى كثيرين لرؤية بدائل جديدة خارج القوالب الحزبية المعتادة.
إذا ما مضى ماسك قدمًا في مشروعه السياسي، فقد نشهد تحولًا جذريًا في خريطة السياسة الأميركية، أو على الأقل بداية لنقاش وطني حول الحاجة إلى إصلاح حقيقي في النظام السياسي والمالي للبلاد.
لمتابعة احدث الأخبار حول العالم اضعط هنا – تابعنا عبر فيسبوك لمتابعة احدث واخر الاخبار عبر صفحتنا في فسيبوك وباقي مواقع التواصل .
