في أجواء مبهرة تجمع بين الفن والتراث، افتُتحت فعاليات مهرجان القلعة للموسيقى والغناء في دورته الثالثة والثلاثين، حيث تألق النجم الكبير علي الحجار على مسرح القلعة وسط حفاوة جماهيرية عكست مكانة هذا الحدث الفني الفريد. انطلقت الحفلات وسط حضور جماهيري واسع جاء ليستمتع بمزيج من الألوان الموسيقية التي تحمل عبق الماضي وإشراقة الحاضر، لتؤكد القاهرة مجددًا أنها عاصمة للفن والثقافة في المنطقة.
علي الحجار يفتتح الليالي بأغنية خالدة
اختار الفنان علي الحجار أن يبدأ أولى ليالي المهرجان بأغنيته الشهيرة “المال والبنون”، التي لاقت تفاعلاً كبيرًا من الجمهور. الحجار، المعروف بصوته الدافئ وأدائه المميز، أعاد إلى الحضور ذكريات أجيال تربت على فنه، ليمنح افتتاح المهرجان بعدًا وجدانيًا خاصًا. لم يكن اختياره محض صدفة، بل جاء تعبيرًا عن قيمة التراث الفني المصري الذي يسعى المهرجان إلى إبرازه.
مشاركة أوركسترا القاهرة السيمفوني
أضفى حضور أوركسترا القاهرة السيمفوني رونقًا عالميًا على الليلة الافتتاحية، حيث قاد المايسترو أحمد عاطف الحفل بمشاركة كورال أكابيلا، تحت إشراف المدير الفني أحمد الصعيدي. وبحضور رئيس دار الأوبرا المصرية الدكتور علاء عبد السلام، جاء الأداء متناغمًا ليعكس المستوى الرفيع الذي وصلت إليه الموسيقى الكلاسيكية في مصر.
نخبة من نجوم الغناء العربي
لم يقتصر المهرجان على الحجار، بل يشارك فيه نخبة من أبرز الأصوات العربية، بينهم خالد سليم، أحمد جمال، مصطفى حجاج، نسمة عبد العزيز، هشام عباس، والموسيقار فتحي سلامة، إضافة إلى المنشد محمود التهامي. وتنوع هذه الأسماء يعكس ثراء البرنامج الفني للمهرجان وقدرته على جذب جمهور واسع من مختلف الأذواق.
غياب عمر خيرت عن المهرجان
اللافت هذا العام هو غياب الموسيقار الكبير عمر خيرت عن المهرجان، وذلك بسبب ارتباطات خارجية حالت دون مشاركته. ورغم أن جمهوره الكبير كان يأمل حضوره، فإن إدارة المهرجان وعدت بأن البرنامج الحافل سيعوض هذا الغياب، من خلال تقديم فقرات متنوعة تمزج بين الأصالة والتجديد.
أجواء ساحرة في قلعة صلاح الدين
الموقع التاريخي كقيمة مضافة
إقامة المهرجان في قلعة صلاح الدين الأيوبي تمنحه طابعًا استثنائيًا، حيث تمتزج الموسيقى بالعمارة الإسلامية العريقة. الحضور لا يستمتع فقط بالغناء، بل يعيش تجربة ثقافية متكاملة في واحد من أعرق المعالم التاريخية في مصر، مما يجعل المهرجان وجهة مفضلة للسياح والمصريين على حد سواء.
تنوع موسيقي يلبي كل الأذواق
يتضمن برنامج المهرجان عروضًا للموسيقى الكلاسيكية العربية، والغناء الشرقي الأصيل، إلى جانب تجارب موسيقية معاصرة تمزج بين الحداثة والتراث. هذا التنوع يعكس رؤية المهرجان في تقديم فن شامل يجمع الأجيال المختلفة، ويؤكد على مكانة الموسيقى كجسر للتواصل الثقافي.
أهمية مهرجان القلعة للموسيقى والغناء
حدث فني ينتظره الجميع
منذ انطلاقته الأولى، رسخ مهرجان القلعة مكانته كأحد أهم الفعاليات الفنية في العالم العربي. فهو ليس مجرد سلسلة حفلات، بل مساحة حية للتعبير الفني وللتواصل بين المبدعين والجمهور. وبفضل برامجه المتنوعة، أصبح المهرجان حدثًا ينتظره عشاق الموسيقى كل عام بشغف كبير.
دعم المواهب والطاقات الجديدة
يتيح المهرجان الفرصة أيضًا أمام جيل جديد من الفنانين للظهور أمام جمهور واسع، حيث تشارك فرق موسيقية شابة إلى جانب النجوم الكبار. هذه السياسة تعكس رؤية وزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية في دعم الإبداع وتشجيع التنوع الفني.
تأثير اقتصادي وسياحي

إلى جانب قيمته الفنية، يسهم المهرجان في تنشيط السياحة الداخلية والخارجية، حيث يتدفق الزوار إلى القاهرة لحضور حفلاته والاستمتاع بأجواء القلعة التاريخية. كما يساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية من خلال الإقبال على الفنادق والمطاعم والأنشطة المرتبطة بالحدث.
الجمهور بطل المهرجان
تفاعل استثنائي مع العروض
ما يميز مهرجان القلعة دائمًا هو الحضور الجماهيري الكبير الذي يملأ جنبات القلعة. فالجمهور ليس مجرد متفرج، بل شريك أساسي في نجاح الفعاليات، حيث يشارك بالغناء والتصفيق والتفاعل مع الفنانين، ما يخلق أجواءً لا يمكن وصفها إلا بأنها احتفالية.
بين الماضي والحاضر
يرى كثير من الحاضرين أن المهرجان يمثل مساحة للتلاقي بين الماضي والحاضر، إذ يستحضرون تاريخ القلعة العريق وهم يستمعون لأجمل الألحان. هذه الثنائية تمنح التجربة عمقًا ثقافيًا يجعل المهرجان مختلفًا عن أي فعالية أخرى.
نظرة مستقبلية
من المتوقع أن يشهد مهرجان القلعة للموسيقى والغناء في الأعوام المقبلة مشاركة أكبر من الفنانين العالميين، بما يرسخ مكانته على الساحة الدولية. كما يتوقع أن تزداد أنشطته التفاعلية مع الجمهور، عبر ورش عمل ومحاضرات موسيقية، ليصبح منصة شاملة للفنون والثقافة.
رسالة المهرجان
في النهاية، يظل مهرجان القلعة رسالة واضحة بأن مصر ماضية في تعزيز مكانتها الثقافية والفنية، وأن الفنون قادرة على بناء جسور السلام والتواصل بين الشعوب.
