يعلم المتابع الجيد لبطولة مونديال الأندية الحالي أن الضوء الإعلامي المسلط على تشيلسي الانجليزي أقل بكثير من أصداء مشاركة فلومينينزي البرازيلي الاستثنائية، لكن المتابع يدرك بداخله أيضا أن تشيلسي يدخل هذه النسخة في محاولة لاستعادة هيبته المفقودة وإثبات جدارته بعد سنوات من الاضطراب الإداري والفني خاصة الليلة أمام فلومينينزي بقيادة مدربه المخضرم ريناتو جاوتشو الذي قدم للمتابع وللبطولة نتائج استثنائية وأداءا يليق بسمعة الكرة البرازيلية.
بالنظر لفلومينينزي فإنه تمكن أن يخطف الأضواء منذ بداياته في مونديال الأندية وعلى مدار المباريات السابقة، فقدّم الفريق أداءً تكتيكيًا متميزا رسم فيه جاوتشو لكل مواجهة خطة منضبطة أتاحت للفريق عبور عقبات صعبة كان أبرزها الفوز على إنتر ميلان الإيطالي في دور ال16 ثم الهلال السعودي. كما قدّم فلومينينزي مباراة قوية ضد بوروسيا دورتموند الألماني في دور المجموعات، وكان قريبًا من الفوز لولا تألق الحارس السويسري جريجور كوبيل الذي أنقذ فريقه بتصديات حاسمة جعلته جديرا بجائزة رجل المباراة.
تشيلسي يتسلل خلف الأضواء
على الجانب الآخر، يمتلك تشيلسي رواية مغايرة تمامًا، إذ يدخل البلوز هذه النسخة من كأس العالم للأندية بآمال كبيرة في طي صفحة الإخفاقات واستعادة الثقة.
منذ انتقال ملكية النادي إلى مجموعة مستثمرين أمريكيين بعد رحيل المالك السابق رومان أبراموفيتش صاحب الفترة الأنجح في تاريخ النادي، عانى الفريق تراجعًا ملحوظًا على المستويين المحلي والقاري. ورغم الإنفاق الضخم والتعاقد مع عدد كبير من النجوم والمواهب بأرقام مبالغة، بدا تشيلسي في مواسمه السابقة كفريق عاجز عن التماسك، وأنهى الموسم المحلي 2022/2023 في المركز الثاني عشر، وتحسن قليلًا في الموسم التالي باحتلاله المركز السادس قبل أن ينجح الموسم الماضي في العودة لدوري أبطال أوروبا بحلوله رابعًا في جدول ترتيب الدوري الانجليزي الممتاز. كما نجح في التتويج بلقب بطولة المؤتمرات الأوروبية أقل البطولات من حيث العوائد المالية والمنافسة.
هذه المعطيات جعلت تشيلسي يدخل البطولة دون أن يُعد مرشحًا أول، وخصوصًا بعد تواجده في مجموعة سهلة نسبيًا. لكن النهاية المحلية والأوروبية منحت اللاعبين والمدرب إيماناً داخلياً بأن الفريق قادر على قلب التوقعات.
إيطالي = تكتيكي بالفطرة
الإيطالي إنزو ماريسكا رغم تاريخه القصير كمدير فني، إلا أنه يعي جيدا أنه يمتلك لاعبين ومواهب وتنوعية في الإمكانيات الفنية والبدنية بإمكانها الوصول لأبعد مدى. ففريق يمتلك في وسطه إنزو فيرنانديز وكايسيدو وكول بالمر وظهيرين بقيمة الانجليزي الدولي ريس جيمس وبطل أوروبا كوكوريا، إضافة لمهاجمين بقدرات جواو فليكس ونكونكو وبيدرو نيتو، ومن ثم التعاقد مع جواو بيدرو إضافة لوجود عدد كبير من المواهب الحقيقية الشابة، كلهم أسباب لأن يُجمع المراقبون وجماهير الكرة وكذلك إنزو ماريسكا على أن تشيلسي يمتلك “ترسانة زرقاء” تحتاج فقط إلى قائد شجاع قادر على توظيف هذه الأسماء بكفاءة وتحويلها إلى قوة ضاربة.
مسيرة تشيلسي في البطولة
نجح ماريسكا في استغلال مرحلة المجموعات للمداورة وإشراك أكبر عدد من اللاعبين بهدف دخول كامل الفريق في أجواء البطولة إضافة لخبرة المواجهات مع ثقافات كروية وتكتيكية متنوعة من مختلف القارات.
حقق البلوز فوزين وخسارة واحدة جاءت أمام فلامنجو البرازيلي، لينهي دور المجموعات ثانيًا وبرصيد أهداف إيجابي (+3) بعدما سجّل ستة أهداف واستقبل ثلاثة.
في دور الـ16، واجه تشيلسي اختبارًا حقيقيًا بملاقاة بنفيكا البرتغالي، في مباراة حملت الطابع العاطفي كونها كانت وداع النجم الأرجنتيني آنخيل دي ماريا للملاعب الأوروبية. وتمكن تشيلسي من حسم المباراة بتسجيله 3 أهداف في الأشواط الإضافية، ليحسم التأهل للدور التالي برباعية مقابل هدف في استعراض بدني وهجومي مبشّر للجماهير الزرقاء.
بالميراس.. المواجهة المناسبة في الوقت المناسب
ولأن لكل مجتهد نصيباً أوفر من غيره، وقع تشيلسي في مواجهة بالميراس البرازيلي في الدور التالي (ربع النهائي) لتكون هذه المباراة بمثابة تجهيز مثالي لمباراة نصف النهائي القادمة أمام البرازيلي الآخر فلومينينزي. وتمكن البلوز من عبور بالميراس بمجهود متوسط وبنتيجة 2/1. ومن اللافت أن مواجهة الليلة أمام فلومينينزي ستكون الثالثة لتشيلسي ضد أندية برازيلية من أصل أربعة مشاركين في هذه النسخة، حقق فيها الانجليز انتصارًا واحدًا وخسروا الآخر، وسجلوا خلال المواجهتين ثلاثة أهداف مقابل أربعة أهداف في شباكهم.
مفترق طرق
تعتبر مواجهة نصف النهائي أمام فلومينينزي اختبارًا فاصلاً لمسيرة تشيلسي. الفوز سيمنح الفريق فرصة حقيقية لدخول الموسم الجديد بمعنويات مرتفعة باعتباره وصيف بطل العالم على أقل تقدير، وهو ما سيعزز الثقة بين اللاعبين والجماهير ويعيد إلى النادي هيبته الغائبة. أما الخسارة فقد تفتح الباب لعودة شبح التعثرات وتزايد الضغط على ماريسكا ومشروع الملاك الجدد، خاصة في حال الهزيمة أمام فريقين برازيليين أقل شهرة وإمكانيات على الورق.
يتوقع كثيرون أن تكون قمة تشيلسي وفلومينينزي إحدى أمتع مباريات البطولة، ليس فقط بسبب الأسماء الكبيرة في صفوف الفريقين، بل على الأخص بسبب الصراع التكتيكي بين ريناتو جاوتشو وإنزو ماريسكا. سيعتمد تشيلسي على تنوع خياراته الهجومية، مع محاولة السيطرة على وسط الميدان، بينما يراهن فلومينينزي على الروح الجماعية والخبرات المتراكمة من خلال الانتصارات الكبيرة المتتالية والمهارات الهجومية الفطرية لدى أبناء أمريكا الجنوبية. في كل الأحوال ستكشف هذه المباراة الكثير عن مستقبل البلوز القريب والبعيد وقدرته على استعادة موقعه الطبيعي بين نخبة أندية العالم، لذا أجمع النقاد على أن مباراة الليلة ستكون إحدى أمتع مباريات كأس العالم للأندية 2025 خاصة على الجانب البدني والمدارس التكتيكية المختلفة.
لمتابعة أحدث الأخبار في كرة القدم اضغط هنا – تابعنا عبر فيسبوك لمتابعة أحدث وآخر الأخبار عبر صفحتنا في فيسبوك وباقي مواقع التواصل
