رغم مرور ما يقارب العامين على الحرب المستمرة في قطاع غزة، ما تزال حركة حماس قادرة على الحفاظ على قوتها القتالية، في مشهد يعكس فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية. الكلمة المفتاحية “حماس” باتت محور النقاش الدولي، ليس فقط بسبب استمرارها في مواجهة إسرائيل، بل أيضًا بسبب القلق المتزايد من انتقال التوتر إلى الضفة الغربية، حيث يلوح خطر انفجار واسع قد يغيّر موازين الصراع.


حماس بعد عامين من الحرب

توقعت إسرائيل أن تؤدي حملتها العسكرية الطويلة في غزة إلى إنهاك حماس وإضعافها، إلا أن الواقع أظهر عكس ذلك. فبعد أكثر من 22 شهرًا من المواجهات العنيفة وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين، ما تزال الحركة تمتلك قدرة قتالية لافتة، ويُقدّر عدد مقاتليها بالآلاف.

قدرة على إعادة التشكيل

من أبرز ما يثير قلق المحللين هو قدرة حماس على إعادة تنظيم صفوفها رغم الدمار الواسع في غزة. هذه القدرة لا تعكس فقط مرونة تنظيمية، بل تكشف أيضًا عن فشل استراتيجي إسرائيلي في تحقيق هدف “القضاء التام” على الحركة.

مأزق استراتيجي لإسرائيل

الحملة العسكرية تحولت إلى ما يشبه المستنقع؛ فإسرائيل لم تتمكن من القضاء على حماس، والحركة من جانبها لم تنهزم. هذه النتيجة وضعت القيادة الإسرائيلية أمام أزمة أخلاقية وسياسية، خاصة أن العالم بات يراقب بقلق تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع.


البعد الإنساني وتأثيره الدولي

منع دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية إلى غزة خلق صدمة دولية دفعت دولًا عديدة لإعادة التفكير في مواقفها من القضية الفلسطينية. بعض هذه الدول أعلن نيته الاعتراف بدولة فلسطين، وهو تحول يعكس أن الحرب لم تعد مجرد نزاع عسكري، بل قضية إنسانية ذات أبعاد سياسية عالمية.

الضغط الدبلوماسي

المواقف الدولية الجديدة تمثل ضغطًا متزايدًا على الحكومة الإسرائيلية، خاصة في ظل التغطيات الإعلامية التي تركز على المجاعة ومعاناة المدنيين. هذه الضغوط لا تقتصر على الحكومات فحسب، بل تمتد إلى الرأي العام العالمي الذي بدأ يطالب بوقف الانتهاكات.

تداعيات إنسانية كارثية

المجاعة التي تهدد مئات الآلاف من سكان غزة ليست مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل عامل يزيد من تعقيد المشهد الأمني. فالجوع واليأس يولدان استعدادًا أكبر للمواجهة، وهو ما قد يطيل أمد الصراع بدل أن ينهيه.


الضفة الغربية: الخطر الأكبر

بينما تتركز الأنظار على غزة، تتصاعد التحذيرات من أن الضفة الغربية قد تكون بؤرة الانفجار المقبلة. يعيش في الضفة قرابة ثلاثة ملايين فلسطيني إلى جانب مئات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين، في خليط متوتر يزداد احتقانًا.

عنف المستوطنين

خلال الأشهر الماضية، تصاعدت الهجمات التي ينفذها المستوطنون بحق الفلسطينيين، وغالبًا ما جرت تحت أنظار الجنود الإسرائيليين. هذا التصعيد زاد من مشاعر الغضب وأضعف الثقة بقدرة المؤسسات الدولية على حماية المدنيين.

تآكل السلطة الفلسطينية

مع تراجع دور السلطة الفلسطينية وانحسار نفوذها أمام التوسع الاستيطاني، يزداد الفراغ السياسي في الضفة الغربية. هذا الفراغ يفتح المجال أمام جيل شاب من الفلسطينيين لم يعرف سوى الاحتلال والعنف، ما يجعله أكثر ميلًا للمواجهة المباشرة.

تحذيرات أميركية

في واشنطن، يعبّر مسؤولون كبار عن قلقهم من أن انفجار الأوضاع في الضفة سيقوض كل الجهود الدبلوماسية الجارية في غزة. الإدارة الأميركية تدرك أن أي تصعيد واسع هناك سيكون من الصعب احتواؤه.


المأزق الإسرائيلي

الحكومة الإسرائيلية تواجه اليوم تحديًا مزدوجًا: استمرار حماس في الصمود من جهة، وتصاعد التوتر في الضفة الغربية من جهة أخرى. هذا الوضع يعكس فشلًا في إدارة المعركة على المستويين العسكري والسياسي.

فقدان البوصلة الاستراتيجية

إسرائيل، التي وعدت منذ سنوات بالقضاء على حماس، تجد نفسها اليوم أمام واقع معاكس. ليس فقط أن الحركة لم تُهزم، بل إن شعبيتها قد تعززت في بعض الأوساط الفلسطينية نتيجة استمرارها في المقاومة.

التداعيات السياسية الداخلية

هذا الفشل يلقي بظلاله على السياسة الداخلية الإسرائيلية أيضًا. فالحكومة الحالية تضم ممثلين عن المستوطنين الذين يضغطون لمزيد من التصعيد، ما يزيد من التوتر داخل الضفة ويحد من أي إمكانية للتوصل إلى حلول سياسية طويلة الأمد.


السيناريوهات المحتملة

ما الذي يمكن أن يحدث إذا استمرت الأوضاع على هذا النحو؟ السيناريوهات المحتملة ليست مطمئنة.

استمرار الحرب دون نتائج

السيناريو الأول هو استمرار الوضع الحالي: حرب طويلة في غزة دون نتائج حاسمة، وتصاعد تدريجي للعنف في الضفة الغربية. هذا الاحتمال يعني مزيدًا من الخسائر البشرية والاقتصادية لجميع الأطراف.

انفجار الضفة الغربية

السيناريو الثاني يتمثل في اندلاع انتفاضة واسعة النطاق في الضفة الغربية، وهو ما سيشكل تحديًا أكبر لإسرائيل من الحرب في غزة، نظرًا للكثافة السكانية وطبيعة المواجهة المباشرة.

تحول المواقف الدولية

السيناريو الثالث يرتبط بالدبلوماسية الدولية. إذا واصلت إسرائيل سياساتها الحالية، قد تجد نفسها أمام موجة متزايدة من الاعترافات بدولة فلسطين، وضغوط اقتصادية وسياسية يصعب تجاهلها.


الخلاصة

الصراع في غزة لم يعد مجرد مواجهة عسكرية بين إسرائيل وحماس، بل أصبح مشهدًا معقدًا متعدد الأبعاد، حيث تتداخل الاعتبارات الإنسانية والسياسية والاستراتيجية. في الوقت نفسه، يظل خطر انفجار الضفة الغربية قائمًا، وربما يكون أكثر تهديدًا لاستقرار المنطقة من غزة نفسها.

المستقبل يظل مفتوحًا على احتمالات متعددة، لكن ما يبدو واضحًا هو أن السياسات الحالية لا تقود إلى سلام، بل إلى مزيد من الانفجار.

تابع اخر الاخبار حول العالم من هنا . لا تنسى الانضمام الى قناة التليجرام ليصلك كل جديد .

شاركها.
اترك تعليقاً