عادت الدعوات الشعبية في كل أنحاء العالم لمقاطعة الشركات التي تُسهم مباشرة أو عبر وكلائها بإسناد أو دعم جيش الاحتلال، وذلك استمراراً للحملة التي انطلقت منذ بدء العدوان الأخير على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وتصعيده حتى وصل إلى حد إجاعة مليوني إنسان في مدينة غزة. وقد أثمرت هذه الحملات عن نتائج بالغة التأثير، منها:
1. تأثير اقتصادي مباشر – تراجع المبيعات والإيرادات
-
أعلنت شركة ماكدونالدز انخفاضًا ملموسًا في المبيعات خاصة منطقة الشرق الأوسط رغم التوقعات المسبقة بنمو يصل إلى 5.5%، إذ سجلت تراجعاً في النمو ليصل إلى بنسبة 0.7% فقط في تلك الفترة الزمنية.
-
تعرضت شركات مثل ستاربكس لهبوط حاد في أسهمها، حيث تراجع النمو المالي التنفيذي في الشرق الأوسط بنحو 10%، وتبعها تسريح قرابة 4% من القوى العاملة محليًا.
-
تكبدت منتجات بيبسي وكوكاكولا أكبر تراجع في مبيعاتهما منذ عام 2009 في دول مثل تركيا ومصر، بفعل المواقف الرسمية وحملات المقاطعة الإنسانية والدعوة إلى دعم البدائل المحلية أو الغير داعمة.
2. الانسحاب من الأسواق وتعليق الامتيازات
-
انسحبت شركة يام براندز المالكة لعلامتي «كنتاكي» و«بيتزاهت» من السوق التركي، معلنة وقف الانصياع لاتفاق الامتياز المحلي؛ في حين اعتبر المراقبون أن السبب الفعلي هو تأثير المقاطعة ومدى خسائر المبيعات.
-
أغلقت كارفور فرعها الأخير في الأردن منذ نوفمبر 2024، تبعتها سلطنة عمان أيضاً بسبب ضغط حملات المقاطعة.
-
توقفت سڤن إليڤن عن العمل في الأراضي المحتلة بعد تزايد الضغط الإعلامي والميداني.
-
كما توقفت شركات مثل CVC كابيتال وجينيرال أتلانتيك عن مشروعات متعلقة بعروض امتياز استضافتها فروع ستاربكس وكنتاكي في ماليزيا وإندونيسيا.

3. تشجيع المستهلك للبدائل المحلية
- تشير الإحصائيات الرسمية أن مصر تتصدر قائمة الدول العربية المقاطعة يليها الأردن وعُمَان.
-
في مصر، ارتفعت مبيعات المشروبات المحلية مثل V-Cola و«سبيرو سباتس» بنسبة تصل إلى 500% مقارنةً بالمنتجات الغربية، وكان المستهلك المصري نفسه هو المروج الأول لها “دون مقابل ” باعتبارها بديلاً أخلاقياً ضمن حملة المقاطعة.
-
تضاعف حجم بيع المياه المعدنية المصرية مثل إيلانو و (O) Eau و نهل أمام الشركات الداعمة للاحتلال مثل نستله وداساني وأكوافينا. ونظراً لتزايد الطلب، تضاعف فوراً إنتاج الشركات البديلة في جميع المجالات الغذائية والدوائية والاستهلاكية.
-
في الكويت والأردن، رفعت محلات البقالة لافتات تدعو فيها لمقاطعة كوكا‑كولا وبيبسي ونستله، وحوّلت الإقبال واللوحات الإعلانية إلى مشروبات محلية مثل ماتريكس كولا وكنزا السعودية.
4. ضغط مالي واستثماري دولي
-
قام صندوق الثروة النرويجي بسحب كامل استثماراته من الشركات المتورطة في دعم المستوطنات، بما فيها شركة بيزك للاتصالات.
-
انسحبت شركات تأمين مثل أكسا من الاستثمار في بنوك إسرائيلية مدرجة في قائمة الأمم المتحدة وسط دعوات لرفع درجات الضغط الشعبي في أوروبا.
-
كما توقفت مشاريع توسعة حقل غاز إسرائيلي من قبل شركة شيفرون بقيمة 429 مليون دولار بسبب تداعيات المقاطعة وضغوط المجتمع المدني الدولي.
خلاصة التأثير الاقتصادي والسياسي للمقاطعة
هناك أدلة واضحة على أن حملات المقاطعة تسببت في انحدار ملموس في مبيعات معظم العلامات التجارية المُدانة باعتراف إداريي الشركات أنفسهم؛ انخفاض في حصة السوق وإجراءات انسحاب أو تقليص حضور في شتى أنحاء العالم. ومع تراجع السمعة والتغطية الإعلامية السلبية، اختارت بعض الشركات تقديم «تبريرات» إدارية حول إعادة الهيكلة، لكنها لم تُخفِ التأثير المباشر الناتج عن حملات المقاطعة.
* الشركات الداعمة بشكل مباشر لجيش الاحتلال:
بحسب ما تم رصده رسميًا، فإن بعض العلامات التجارية أو وكلائها في فلسطين المحتلة أعلنوا دعمًا علنيًا لجنود الاحتلال:
-
ماكدونالدز (وكيلها في الأراضي المحتلة): أعلن توزيع حوالي 4 آلاف وجبة يوميًا للجنود منذ أكتوبر 2023.
-
برغر كينغ – فروع تابعة للكيان نشرت صورًا ومنشورات باللغة العبرية تقول: «برغر كينغ يدعم جنود الأمة بتوزيع آلاف الوجبات».
-
دومينوز بيتزا – قدمت محتوى بصريًا يظهر علم الاحتلال والتوزيع على الجنود مع عبارات مثل «من يستطيع أن يهزمنا؟» باللغة العبرية.
-
كارفور – فروعه في تل أبيب أعلنت عن دعمها جيش الاحتلال في عدوانه، مما منحها سمعة عالمية تُرجمت أنها أنشطة دعم مباشرة.
-
حمص صبرا – مشروع مشترك بين «بيبسيكو» و«شتراوس»، وهي علامة تُدرّ الأموال لدعم الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر.
-
بوما – ترعى اتحادات رياضية داخل المستوطنات، وهذا ما جعلها في قوائم المقاطعة.
-
أكسا – شركة تأمين فرنسية/عالمية، تستثمر في بنوك تابعة لحكومة الاحتلال (لئومي وديسكاونت) المرتبطة بالمستوطنات، مما وضعها في دائرة المقاطعة حتى خضعت لسحب استثماراتها بسبب ضغط المقاطعة الشعبي، لكنها ما تزال في دائرة الشك حتى اليوم.
الشركات التي استندت إلى دعم الاحتلال في إعلاناتها:
-
حاول وكلاء ماكدونالدز في فروع الشرق الأوسط إظهار الدعم للأبرياء الفلسطينيين في غزة. ولكن فروع الشركة في الأراضي المحتلة ساندت الاحتلال علنًا سواءاً من خلال الحملات الدعائية أو من خلال تقديم الدعم الغذائي المباشر.
-
برغر كينغ – في حملة عبر حسابه العبري، عرض دعمًا مباشرًا للجنود بمنشورات إعلانية وشحناً معنوياً بالعبرية.
-
دومينوز بيتزا – إعلان تصويري لصالح جيش الاحتلال بِعَلَمِهِ، وترويج لوجبات مجانية للجنود في وسائل الإعلام والوسائط الاجتماعية.
الضغط الاقتصادي مسؤولية شعبية
رغم إمكانيات المحتل الاقتصادية وتغلغل أذرعه في الأسواق العالمية، إلا أن حملات المقاطعة الشعبية المستمرة أثبتت قدرتها البالغة في تغيير الموازين الاقتصادية العالمية. فالمقاطعة لم تعد مجرد موقف أخلاقي بل تحوّلت إلى أداة فاعلة، تنزف من خلالها الشركات الداعمة للاحتلال أرباحها وتُحرج إداراتها أمام العالم. وما دام الوعي في ازدياد، فإن أثر المقاطعة مرشّح للنمو، ومعه تترسخ قناعة جديدة بأن للجانب الاقتصادي سلاحًا إنسانياً لا يُستهان به: سلاح المقاطعة.
