بين صدمة الأرقام وغموض القرارات، أثارت نتائج الاقتصاد الزراعي بجامعة المنوفية العديد من التساؤلات وفتحت العديد من الملفات للطلاب الذين وجدوا أنفسهم أمام مشهد أربك مسارهم الأكاديمي، بعدما فجّرت نتائج امحتان المادة موجة من التساؤلات. ومثلت نسبة النجاح 20% في الاقتصاد الزراعي قلب وبؤرة هذا الجدل، وفتحت الباب لحوار واسع حول تقييم الأداء وآليات التصحيح في الكليات الجامعية.
انحدار النتائج
في أجواء اتسمت بالتعجب تلقّى طلاب الفرقة الأولى بقسم الاقتصاد الزراعي في كلية الزراعة – جامعة المنوفية نتائج مادة التخصص، ليكتشفوا أن نسبة النجاح كانت أقل من التوقعات بكثير. تدنٍ واضح دفع بالكثيرين إلى التساؤل عن الأسس التي تم اعتمادها في التصحيح، ومدى تطابقها مع طبيعة الامتحان والمحتوى الدراسي.
الطلاب لم يبدوا اعتراضهم على النتائج قدر تعبيرهم عن حالة الحيرة بسبب تداخل مواعيد إعلان النتائج مع فتح باب التسجيل للدورات الصيفية، مما صعّب عليهم اتخاذ قرارات مدروسة بشأن مستقبلهم الأكاديمي. وقد أكد بعض الطلاب في أحاديث متفرقة، أن المفاجأة لم تكن فقط في النسبة، بل في عدم وضوح المعايير المستخدمة في التصحيح. وأضافوا أنهم لم يتلقوا أي توضيحات حول الدرجات التفصيلية أو آلية احتسابها، مما زاد من شعورهم بالإحباط والقلق.
فتح التسجيل الصيفي أربك مئات الطلاب
بشكل مفاجئ أعلنت الكلية بدء التسجيل في المواد الصيفية (السمر كورس) قبل إعلان النتائج الكاملة للفصل الدراسي الثاني. الأمر الذي تسبب في ارتباك كبير بين صفوف الطلاب إذ لم يتمكنوا من تقييم وضعهم الأكاديمي بدقة لتحديد إذا ما كانوا في حاجة لإعادة المادة خلال الصيف أم لا.
واتفقت ردود فعل الطلاب على وسائل التواصل الاجتماعي أن قرار المشاركة في الدورة الصيفية جاء “تحسبًا”، لا عن يقين، مشيرين إلى أن القرار جاء في توقيت غير ملائم، واعتبر البعض أن ما جرى يعكس سوء تنسيق واضح. كما برزت مطالب طلابية بضرورة تحسين التنسيق الإداري داخل الكلية أهمها: ألا يتم فتح باب التسجيل في أي برامج أكاديمية جديدة قبل إعلان النتائج النهائية بهدف ضمان العدالة في اتخاذ القرار.
وشدد طلاب آخرون على أهمية مراجعة الجدول الزمني للإجراءات الإدارية، مشيرين إلى أن هناك ضرورة لتطبيق آلية مركزية واضحة توحد مواعيد إعلان النتائج مع الفتح الرسمي لتسجيل البرامج الصيفية، حتى يتمكن الجميع من التخطيط بدقة لمساراتهم الدراسية.
آليات التصحيح تحت المجهر
الجدل لم يقتصر على توقيت الإجراءات فقط، بل امتد ليشمل طريقة التصحيح التي تم اتباعها في تقييم مادة الاقتصاد الزراعي. كثير من الطلاب أشاروا إلى أن الأسئلة كانت من داخل المقرر، مما يجعل انخفاض نسب النجاح محل استفهام حقيقي، وسيفتح حتماً باب الحديث حول إعادة التصحيح لمن يرغب في التأكد من نتيجته، لا سيما في ظل غياب أي بيان رسمي يشرح خلفيات النتيجة غير المتوقعة.
غياب التوضيحات يزيد من علامات التعجب
وفي هذا السياق، أبدى العديد من الطلاب استغرابهم من صمت إدارة الكلية، وعدم إصدار أي بيان توضيحي حتى الآن، سواء لتفسير النتائج أو لطمأنة الطلاب بشأن آلية التصحيح، أو حتى للإجابة عن تساؤلاتهم العالقة. ظهرت في المقابل بعض الأصوات التي ترى أن تراجع النتائج لا يعني بالضرورة وجود خلل إداري لكنه قد يكون ناتجًا عن تراجع التفاعل مع المحاضرات أو الاعتماد المفرط على المراجعات المختصرة.
أيجي مونيتور.. نحو حلول واقعية وعادلة
مقترحات قابلة للتنفيذ
تأجيل التسجيل في الدورات الصيفية إلى ما بعد إعلان النتائج كاملة.
تقديم جلسات مراجعة مجانية توضح نقاط الضعف ومناطق الرسوب.
إتاحة فرصة التظلم الرسمي وفقًا للوائح الجامعية.
نشر بيان تفصيلي من الكلية يوضح أسس التصحيح ومعايير النجاح.
إشراك ممثلين عن الطلاب في لقاءات دورية مع الإدارة لبحث المشكلات المحتملة مستقبلًا وتعزيز التقارب بين الطالب والعالم الموقر.
مقترحات داعمة من الشؤون الطلابية
كما اقترحت إدارات شؤون طلابية في كليات أخرى تطبيق ورش عمل قصيرة بعد النتائج مباشرة، بهدف تحليل أداء الطلاب وتقديم نصائح عملية لتحسين نتائجهم في الفصول القادمة، مع ربط هذه الورش بأنشطة تقييم ذاتي لكل طالب، بما يعزز وعيه بمواطن ضعفه.
خطوات الاستعلام الرسمية عن النتائج
تسهيلًا على الطلاب، خصصت الجامعة رابطًا مباشرًا للاستعلام عن النتائج عبر موقعها الرسمي. ويمكن للطالب الدخول، ثم اختيار الكلية والفرقة الدراسية، وإدخال رقم الجلوس للاطلاع على نتيجته الرسمية بدقة. هذا الإجراء يسهم في تقليص الإشاعات المنتشرة على وسائل التواصل، ويمنح الطالب مصدرًا موثوقًا للمعلومة. وقد دعت إدارة نظم المعلومات الطلاب إلى التأكد من استخدام الرابط الرسمي فقط، والتبليغ عن أي مواقع وهمية أو صفحات مزيفة تدّعي نشر النتائج.
الأزمة كفرصة لمراجعة السياسات التعليمية
ما جرى في جامعة المنوفية ليس مجرد أزمة نتائج عابرة، بل يعكس حاجة حقيقية لإعادة تقييم العلاقة بين الطلاب والإدارة التعليمية، بما يضمن الشفافية والعدالة. فالهدف من أي مؤسسة تعليمية ليس فقط منح الدرجات، بل بناء بيئة تدعم الطالب وتحفزه، خاصة في مرحلة حاسمة مثل سنوات التخصص الأولى.
وتؤكد تجارب جامعات أخرى أن الأزمات التعليمية يمكن أن تتحول إلى فرص للتحسين، حين تُقابل بروح من الاستماع والتطوير، لا بالتجاهل أو الإنكار. إذ أن الخطوة الأولى نحو الإصلاح تبدأ من الاعتراف بالمشكلة، ثم بناء منظومة متكاملة تعالج أسبابها من الجذور، سواء من حيث المناهج، أو أساليب التدريس، أو أنظمة التقويم.