في لحظة ينتظرها آلاف الجوعى والمحاصَرين، انطلقت شاحنات الإغاثة من مصر نحو غزة، حاملة معها أملاً في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
المساعدات الإنسانية إلى غزة: تحرك مصري واستئناف جوي
وسط أزمة إنسانية خانقة يعيشها قطاع غزة منذ أشهر، بدأت شاحنات المساعدات الإنسانية إلى غزة بالتحرك من الجانب المصري باتجاه المعبر الحدودي، في خطوة اعتُبرت بارقة أمل جديدة في طريق طويل من المعاناة.
تأتي هذه التحركات في ظل تطورات دولية متسارعة، حيث أعلنت عدة أطراف فاعلة عن استئناف عمليات إسقاط المساعدات جواً على مناطق شمال القطاع، بالتزامن مع الإعلان عن “هدن إنسانية” مؤقتة تسمح بتوصيل الإغاثة للمدنيين، في وقت لا تزال فيه الانتقادات الدولية تتصاعد ضد الانتهاكات والقيود المفروضة على إدخال الغذاء والدواء.
قوافل مصرية تنطلق نحو غزة
تحركت القوافل من الأراضي المصرية باتجاه معبر رفح محمّلة بكميات كبيرة من المساعدات الغذائية، بالإضافة إلى مواد مخصصة لإعادة تأهيل البنية التحتية المتهالكة في غزة.
وتأتي هذه الخطوة بعد تنسيق مصري داخلي مكثّف، شاركت فيه منظمات مجتمع مدني، وجهات حكومية، بالإضافة إلى تنسيق مع جهات أممية، بهدف إيصال الإغاثة للمناطق الأكثر تضررًا داخل القطاع، والتي تعاني من نقص حاد في الغذاء والدواء والماء النظيف.
ما تحمله الشاحنات؟
وفق ما تم الإعلان عنه، فإن الشاحنات تضم مواد غذائية أساسية تشمل الأرز، الدقيق، الزيت، السكر، والبقوليات، إلى جانب أدوية ومستلزمات طبية ضرورية. كما أُرفق مع القوافل دعم لوجستي يشمل مولدات كهرباء صغيرة، وخزانات مياه، وأنابيب صرف، لإعادة تشغيل المرافق الحيوية.
عمليات الإسقاط الجوي: دعم خارجي متجدد
بالتوازي مع القوافل البرية، أعلنت عدة دول أجنبية عن استئناف عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية على مناطق شمال غزة، وهي المناطق الأكثر عزلة ومعاناة منذ أسابيع.
عمليات الإسقاط الجديدة شملت سبع حمولات على الأقل، احتوت على الدقيق، السكر، معلبات غذائية جاهزة، ومياه شرب، وتم تنفيذها بالتعاون مع منظمات إنسانية دولية، في محاولة للوصول إلى الأسر التي باتت معزولة بشكل شبه كامل عن مراكز توزيع الإغاثة.
من المسؤول عن التوزيع؟
أكّدت الجهات الأجنبية المُشاركة في عمليات الإسقاط أن مسؤولية التوزيع تقع بالكامل على الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة، مشيرة إلى أنها تعمل على ضمان وصول المساعدات إلى المدنيين فقط، ومنع تسربها إلى الجماعات المسلحة.
هدن إنسانية وممرات مؤقتة
في تحرك نادر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تحديد “ممرات إنسانية مؤقتة” داخل قطاع غزة، تهدف إلى تسهيل حركة قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وتم تحديد هذه الممرات في إطار هدنة جزئية، تسري لبضع ساعات يوميًا، تتيح مرور القوافل بسلام دون تعرضها لنيران أو اشتباكات، وإن لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن مواقع هذه الممرات أو توقيت فتحها.
تحديات التنفيذ
رغم إعلان الهدنة، ما تزال الشكوك تحيط بفعالية هذا الإجراء، خصوصًا مع غياب تفاصيل واضحة حول مواقع العبور وضمانات الحماية. منظمات الإغاثة الدولية طالبت بمزيد من الشفافية والتنسيق، محذرة من أن استمرار حالة الغموض قد يؤدي إلى تعثر عملية إيصال المساعدات مجددًا.
انتقادات دولية متزايدة
تأتي هذه الإجراءات في ظل تصاعد الانتقادات الدولية، حتى من أقرب الحلفاء لإسرائيل، بعد تقارير تؤكد مقتل مئات الفلسطينيين خلال الأسابيع الأخيرة، بعضهم جوعًا وآخرون أثناء محاولتهم الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات.
تقارير منظمات حقوق الإنسان وثّقت مشاهد قاسية لمدنيين يركضون خلف عربات الإغاثة في ظروف أمنية غير مستقرة، ما دفع بعض الدول للمطالبة بتحقيقات دولية مستقلة، وفرض رقابة أممية على عمليات توزيع المساعدات.
أزمة ممتدة ومعاناة متفاقمة
منذ اندلاع الحرب الأخيرة، يواجه سكان قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه. البنية التحتية مدمرة، والمستشفيات شبه متوقفة، والمدارس مغلقة، في حين يواصل الأطفال والنساء والشيوخ المعاناة من نقص الغذاء والمياه النظيفة.
المنظمات تحذر
أطلقت منظمات أممية، أبرزها برنامج الغذاء العالمي والصليب الأحمر، تحذيرات عاجلة من احتمال انهيار الوضع الإنساني بالكامل إذا لم يتم إدخال كميات ضخمة من المساعدات خلال أيام، خصوصًا مع حلول موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
هل تكفي هذه الجهود؟
رغم أهمية التحركات الأخيرة، يرى مراقبون أن ما تم إدخاله حتى الآن لا يكفي لسد العجز الهائل في الاحتياجات اليومية لسكان القطاع.
ويؤكد خبراء إنسانيون أن الحل لا يقتصر على إسقاطات جوية أو قوافل مؤقتة، بل يتطلب فتحًا دائمًا للمعابر، وتدفقًا مستمرًا وغير مشروط للمساعدات، إضافة إلى حماية المنظمات الدولية والعاملين فيها، وضمان وصول الإغاثة إلى كل المحتاجين دون تمييز أو تأخير.
الختام: طريق طويل نحو التعافي
في ظل كل التحديات، تبقى المساعدات الإنسانية إلى غزة ضرورة لا تحتمل التأجيل، وخط الدفاع الأخير أمام تفشي المجاعة والأمراض.
ما زال الطريق نحو التعافي طويلًا، لكنه يبدأ بخطوة، وقد تكون هذه القوافل الجوية والبرية بداية الأمل المنتظر.
