في وقتٍ تتسارع فيه خطى المنافسين نحو تعزيز قدراتهم التقنية، تواجه مايكروسوفت انتكاسة غير متوقعة قد تؤثر على موقعها في سباق تطوير معالجات الذكاء الاصطناعي.
تأجيل شريحة Maia يربك خطط مايكروسوفت التقنية
تسعى مايكروسوفت منذ سنوات إلى تقليص اعتمادها على شركات تصنيع المعالجات الخارجية، خصوصًا في ظل الطلب الهائل على قدرات الذكاء الاصطناعي في خدماتها ومنصاتها السحابية. ومن أجل ذلك، طورت الشركة شريحة خاصة بها باسم “Maia”، كان من المقرر إطلاقها تجاريًا خلال عام 2025. إلا أن مشاكل تقنية وتنظيمية أجبرت الشركة على تأجيل الإنتاج الضخم لهذه الشريحة إلى عام 2026.
الخطوة تأتي في وقت حرج تشهد فيه المنافسة تصاعدًا حادًا بين عمالقة التكنولوجيا، خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي المتقدم، مما يضع مايكروسوفت في موقف دقيق أمام منافسين أكثر استعدادًا تقنيًا في هذه المرحلة.
الأسباب وراء التأجيل: التصميم والموارد البشرية
بحسب مصادر مطلعة على المشروع، فإن التأجيل يعود إلى عدد من التحديات التي واجهها فريق تطوير الشريحة. أبرز هذه العوائق كان التعديلات المفاجئة في التصميم الداخلي، إلى جانب صعوبات في التوظيف، ومعدلات دوران عالية بين الموظفين الرئيسيين العاملين على المشروع. هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تعطل الجدول الزمني الذي كانت تأمل الشركة في الالتزام به.
يبدو أن التغيرات في البنية الفنية لشريحة “Braga”، وهي النسخة الأولية التي بُنيت عليها Maia، كانت أكثر تعقيدًا مما توقعت فرق التطوير. كما أن استقطاب المهندسين ذوي الخبرة في مجال المعالجات المخصصة لم يكن سهلاً وسط الطلب العالمي المرتفع على هذه الكفاءات.
أداء أقل من المتوقع مقارنة بشريحة إنفيديا Blackwell
رغم طموحات مايكروسوفت الكبيرة، فإن التقييمات الأولية لأداء الشريحة المنتظرة تشير إلى أنها ستكون أقل كفاءة من شريحة “Blackwell” الجديدة من شركة إنفيديا، التي تم إطلاقها مؤخرًا وتُعد من بين الأقوى في السوق حاليًا.
هذا الفرق في الأداء قد يمثل تحديًا أمام مايكروسوفت، خاصة وأنها تعتمد بشكل متزايد على القدرات الحسابية القوية لتقديم خدمات الذكاء الاصطناعي المتقدمة عبر منصات مثل Azure وCopilot. ومع تزايد الطلب على نماذج اللغة الكبيرة وأدوات توليد المحتوى، قد تجد الشركة نفسها في وضع صعب إذا لم تقدم شريحتها الجديدة قيمة مضافة واضحة.
منافسون في المقدمة: أمازون وغوغل يسرّعان وتيرة التطوير
في المقابل، تواصل أمازون وغوغل تعزيز موقعهما من خلال تطوير شرائح خاصة بهما. كشفت غوغل مؤخرًا عن الجيل السابع من معالجاتها الخاصة “Tensor”، والتي أثبتت فاعلية كبيرة في تسريع عمليات الذكاء الاصطناعي. أما أمازون، فقد أعلنت عن شريحة “Trainium3” التي ستدخل السوق قبل نهاية العام الحالي.
هذا التقدم الملحوظ لدى المنافسين يبرز التحديات التي تواجه مايكروسوفت، لا سيما أنها كانت تطمح لأن تكون شريحة Maia ركيزة أساسية في تحسين كفاءة بنيتها التحتية وتقديم حلول أقل اعتمادًا على مورّدين خارجيين مثل إنفيديا.
الرهانات الاقتصادية على الشريحة الجديدة
بعيدًا عن الجوانب التقنية، يحمل مشروع Maia أبعادًا اقتصادية استراتيجية لمايكروسوفت. فارتفاع تكلفة شراء شرائح إنفيديا، إلى جانب محدودية الإمداد العالمي، يدفع الشركات الكبرى إلى التفكير جديًا في بناء معالجاتها الخاصة.
وفي حال نجحت مايكروسوفت في تجاوز التأخير وتقديم شريحة ذات كفاءة مقبولة، فإن ذلك سيسمح لها بخفض تكاليف التشغيل في مراكز البيانات، وتعزيز سيطرتها على البنية التحتية لخدمات الذكاء الاصطناعي، بل وربما تقديم خدمات أكثر تنافسية من حيث السعر.
ما الذي ينتظر مايكروسوفت في عام 2026؟
بحلول عام 2026، من المفترض أن تكون Maia جاهزة للانطلاق، ولكن ذلك يتوقف على قدرة الشركة على حل مشكلاتها الداخلية وتثبيت فريق التطوير. كما أن السوق لن يبقى على حاله، إذ من المتوقع أن يظهر جيل جديد من المعالجات الأكثر تطورًا، ما يضع مايكروسوفت أمام تحدي مضاعف: اللحاق بالتقنيات الحالية، والاستعداد لما هو قادم.
يبقى السؤال: هل سيكون عام 2026 هو موعد عودة مايكروسوفت بقوة إلى ساحة المنافسة في مجال المعالجات المخصصة؟ أم أن التأخير سيؤدي إلى فقدان الزخم أمام منافسين يتحركون بوتيرة أسرع؟
تطوير الشرائح المخصصة: توجه لا مفر منه
مايكروسوفت ليست الوحيدة في هذا الاتجاه، فقد أصبح تطوير الشرائح المخصصة مسارًا رئيسيًا لمعظم شركات التكنولوجيا الكبرى. والهدف ليس فقط تقليل التكلفة، بل أيضًا تحسين أداء التطبيقات وتوفير مرونة أكبر في التعامل مع احتياجات المستخدمين.
ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات، من التعليم إلى الرعاية الصحية والصناعة، ستصبح كفاءة المعالجات عاملًا حاسمًا في تحديد من يقود المرحلة التالية من الثورة التقنية.
كلمة أخيرة
رغم التأجيل، لا تزال مايكروسوفت لاعبًا أساسيًا في ميدان الذكاء الاصطناعي. وإذا ما نجحت في تجاوز العوائق التي تعترض طريق Maia، فقد تعود بقوة إلى ساحة المنافسة. وفي عالم تتحرك فيه التكنولوجيا بسرعة، لا تُقاس النجاحات فقط بالبدايات، بل بالقدرة على الصمود والتكيف والاستمرار في الابتكار.
لمتابعة احدث الأخبار في التكنولوجيا اضعط هنا – تابعنا عبر فيسبوك لمتابعة احدث واخر الاخبار عبر صفحتنا في فسيبوك وباقي مواقع التواصل