في لحظات حبست الأنفاس داخل أحد مستشفيات محافظة الجيزة، تمكنت قوات الحماية المدنية من إنقاذ الموقف قبل أن يتحول إلى كارثة، وذلك بعد اندلاع حريق مفاجئ في أحد أقسام مستشفى البدرشين.
حريق في قسم الأطفال يهز مستشفى البدرشين
اندلع حريق مفاجئ في مستشفى البدرشين داخل غرفة تخزين البطاطين والمخدات بقسم الأطفال في الطابق الثالث، ما أدى إلى حالة من الذعر بين العاملين والزوار. وعلى الفور، سارعت فرق الحماية المدنية إلى مكان الحادث، وسط مخاوف من امتداد النيران إلى الأقسام المجاورة.
ورغم أن الحريق لم يسفر عن إصابات، إلا أنه كشف عن ثغرات في أنظمة التخزين والسلامة بالمستشفى، وأعاد إلى الواجهة تساؤلات حول الجاهزية للتعامل مع مثل هذه الحوادث في المنشآت الصحية.
استجابة سريعة من الحماية المدنية
تحركت قوات الدفاع المدني بقيادة مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالجيزة، فور تلقي البلاغ، وتم الدفع بأربع سيارات إطفاء إلى موقع الحادث. وبفضل الاستجابة الفورية، تم تطويق النيران ومنع امتدادها، خصوصًا إلى غرف المرضى المجاورة، والتي تم إخلاؤها احترازيًا حرصًا على سلامة الأطفال والمرافقين.
فرقة الحماية لم تكتفِ بإطفاء الحريق فقط، بل فرضت طوقًا أمنيًا حول منطقة الحادث لتنظيم حركة الدخول والخروج، ومنع حدوث أي فوضى تعيق عمليات الإنقاذ.
التحريات: لا إصابات والأضرار مادية فقط
أظهرت نتائج التحريات الأولية أن الحريق اقتصر على غرفة تخزين تحتوي على أدوات وأغراض قماشية مثل البطاطين والمخدات والملاءات. وأسفر الحريق عن احتراق نحو 35 بطانية، و35 مخدة، و3 ملاءات، دون أن يسجل وقوع أي إصابات بين المرضى أو العاملين.
ورجّحت المصادر أن السبب المحتمل للحريق يعود إلى تماس كهربائي، وهو سيناريو يتكرر في كثير من المنشآت التي تعاني من ضعف في أنظمة الصيانة الكهربائية أو غياب أنظمة الكشف المبكر عن الحرائق.
أهمية الجاهزية في المؤسسات الطبية
الحادث الذي شهده مستشفى البدرشين يعيد إلى الأذهان أهمية توفر خطط طوارئ واضحة ومفعّلة داخل المستشفيات، خاصة في الأقسام الحساسة مثل قسم الأطفال، حيث تكون السلامة أولوية قصوى.
كما أن الحريق يسلط الضوء على أهمية مراجعة أنظمة التخزين، وتحديدًا ما يتعلق بتخزين المواد القابلة للاشتعال في أماكن بعيدة عن مصادر الخطر مثل التوصيلات الكهربائية غير المعزولة.
التعاون بين الجهات المختصة
أشادت جهات محلية بسرعة تدخل الحماية المدنية وتنسيقها مع شرطة النجدة، مما مكّن من السيطرة على الحريق خلال وقت قياسي. كما تولت النيابة العامة التحقيق في الحادث لمعرفة ملابساته وأسباب اندلاعه، إضافة إلى تقييم مدى التزام المستشفى بإجراءات السلامة الوقائية.
يُعد هذا التعاون نموذجًا لما يجب أن تكون عليه منظومة الطوارئ في مواجهة الأحداث المفاجئة، حيث تضمن السرعة في التعامل تقليل الخسائر إلى أدنى حد ممكن.
الأمن والسلامة: تحدٍ لا يحتمل التأجيل
ما حدث في مستشفى البدرشين يجب أن يكون جرس إنذار لكافة المؤسسات الصحية في مصر، بأهمية إجراء صيانة دورية لشبكات الكهرباء، وتحديث أنظمة الإنذار المبكر، والتدريب المستمر للعاملين على إجراءات الإخلاء والطوارئ.
كما يجب مراجعة سياسات التخزين، بحيث تكون المواد القابلة للاشتعال مخزّنة في أماكن مؤمنة، ومزودة بأنظمة تهوية وطفايات حريق، للحيلولة دون تكرار مثل هذه الحوادث.
دروس مستفادة من الحادث
رغم أن الحريق لم يخلف خسائر بشرية، إلا أن الخسائر المادية وتوقف الخدمات الطبية مؤقتًا في قسم الأطفال يكشف مدى هشاشة بعض البنى التحتية في المؤسسات العامة. لذلك، فإن الحادث يقدم دروسًا مهمة، من بينها:
ضرورة جاهزية المستشفيات لمواجهة الطوارئ.
أهمية التدريب المستمر للفرق الطبية والإدارية.
ضرورة تفعيل أنظمة الكشف عن الحرائق وإنذار المبكر.
تقوية البنية الكهربائية وإبعادها عن مصادر قابلة للاشتعال.
نحو بيئة طبية أكثر أمانًا
المستشفيات ليست مجرد منشآت خدمية، بل هي ملاذ للمرضى الذين يبحثون عن الأمان والعناية. ولذلك، فإن أي تهديد لسلامة تلك المنشآت، ولو كان بسيطًا، يستوجب التدخل السريع والحاسم.
الحفاظ على بيئة طبية آمنة لا يقتصر على وجود الكوادر الطبية، بل يبدأ من التفاصيل الصغيرة: الأسلاك المكشوفة، مخازن الأقمشة، أجهزة الإنذار، وحتى سلوكيات العاملين أثناء الطوارئ.
ختامًا: الحريق مر بسلام ولكن…
إن مرور الحادث دون خسائر بشرية لا يعني تجاهل مسبباته، بل على العكس، يجب أن يكون نقطة انطلاق لتقييم شامل وجاد لواقع السلامة في المستشفيات الحكومية والخاصة على حد سواء.
ويبقى الدور الأكبر على المؤسسات المعنية بمتابعة إجراءات السلامة في المنشآت الحيوية، وخاصة المستشفيات، لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا.