في لحظة صادمة وموجعة، استيقظت محافظة المنوفية ومصر بأكملها على نبأ حادث مروّع حصد أرواح 19 فتاة في مقتبل العمر. حادث المنوفية، الذي وقع على الطريق الإقليمي، لم يكن مجرد تصادم بين مركبتين، بل كان مأساة إنسانية اهتز لها الضمير الجمعي، وأعاد تسليط الضوء على إهمال الطرق، واستهتار بعض السائقين، وانعدام الرقابة على وسائل النقل.
خلفيات الحادث: من العمل إلى الموت
فتيات في عمر الزهور… ضحايا البحث عن لقمة العيش
كانت الفتيات المتوفيات يستقللن سيارة ميكروباص متجهة إلى مزرعة يعملن بها بنظام الأجر اليومي. أعمارهن تراوحت بين 14 و21 عامًا، وجميعهن من قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف، حيث اعتدن الذهاب إلى العمل لمساعدة أسرهن خلال فترة الصيف.
لكن الرحلة لم تكتمل، فقد اصطدمت المركبة بشاحنة نقل ثقيل تجاوزت الحاجز الفاصل بين الاتجاهين، لتكون الكارثة التي أودت بحياة 19 فتاة، وأسفرت عن إصابة ثلاث أخريات بجروح بليغة.
التحقيقات تكشف الحقيقة المؤلمة
السائق تحت تأثير المخدرات
ما جعل الحادث أكثر فاجعة، هو ما كشفته النيابة العامة المصرية لاحقًا، بعد إجراء التحاليل الطبية للسائق المتسبب في الحادث. إذ تبين أنه كان تحت تأثير المخدرات لحظة وقوع التصادم، في مشهد يطرح أسئلة مؤلمة عن فوضى الطرق، وغفلة الرقابة، وغياب الوعي بخطورة القيادة في هذه الحالة.
وقد أمرت النيابة بحبس السائق فورًا، وفتحت تحقيقًا موسعًا لكشف ملابسات الحادث، ومحاسبة كل من تسبب في هذه الكارثة.
الدولة تتحرك: قرارات عاجلة ودعم مباشر
توجيهات رئاسية بتعويض الأسر ومراجعة الطرق
في استجابة سريعة، وجّه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة باتخاذ إجراءات فورية لدعم أسر الضحايا. وشملت التوجيهات:
صرف 100 ألف جنيه لكل متوفى
صرف 25 ألف جنيه لكل مصاب
متابعة شاملة لصيانة الطرق، خاصة الطريق الإقليمي
التأكد من وجود الإرشادات المرورية
إزالة العوائق التي تهدد سلامة السائقين
مراقبة السرعة على الطرق الحيوية
كما شدد الرئيس على ضرورة الانتهاء من أعمال الصيانة بأقصى سرعة، لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث المأساوية.
تدخل إنساني من قرينة الرئيس
في لفتة إنسانية مؤثرة، ناشدت السيدة انتصار السيسي، قرينة الرئيس، الهلال الأحمر المصري لتقديم الدعم النفسي والمادي لأهالي الضحايا. وأكدت في رسالتها أن الدولة تقف دائمًا بجانب أبنائها في الشدائد، مشيرة إلى أن الألم الذي خلفه حادث المنوفية لا يمس أسر الضحايا وحدهم، بل كل بيت مصري.
وقد استجابت فرق الهلال الأحمر على الفور، وبدأت التنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي لتقديم المساعدات العاجلة للأسر المنكوبة.
مؤسسات الدولة تتكامل
الهيئة العامة للرقابة المالية ووزارة العمل
من جهته، أعلن رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، الدكتور محمد فريد، صرف تعويض قدره 100 ألف جنيه لكل حالة وفاة في الحادث، ضمن جهود الدولة للتخفيف من وقع الفاجعة.
كما وجّه وزير العمل، محمد جبران، بصرف 20 ألف جنيه لكل مصاب من الحساب المركزي لرعاية العمالة غير المنتظمة، ومتابعة أوضاع المصابين وأسر المتوفيات.
هذه القرارات جاءت لتعكس التكامل بين مؤسسات الدولة، وحرصها على الوقوف إلى جانب المواطنين في المحن، لا سيما حين يكون الضحايا من الفئات الضعيفة التي تسعى بشرف لكسب الرزق.
غضب وحزن في الشارع المصري
حادث المنوفية يفتح ملف الطرق والسلامة من جديد
أثار الحادث موجة من الحزن العارم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر آلاف المصريين عن أسفهم وحزنهم لفقدان فتيات في ريعان شبابهن. ولم يخلُ المشهد من الغضب كذلك، إذ تساءل كثيرون عن دور الجهات المعنية في مراقبة الطرق، وفحص السائقين، والتأكد من التزامهم بشروط السلامة.
وطالب مواطنون بتغليظ العقوبات على من يقودون تحت تأثير المخدرات، وبوضع أنظمة ذكية لمراقبة السرعة وحالة السائقين في الطرق السريعة والإقليمية.
القضية أبعد من حادث
تحديات السلامة المرورية في مصر
الحادث ليس الأول من نوعه، لكنه الأشد وقعًا في الفترة الأخيرة، بسبب طبيعة الضحايا. هذه الكارثة تكشف عن فجوة في منظومة السلامة على الطرق، من ضعف البنية التحتية، إلى قلة الرقابة، إلى التهاون في فحص السائقين.
ولعل الدرس الأهم هنا هو أن الأرواح لا تعوّض، وأن الاستثمار الحقيقي يجب أن يكون في حماية حياة الناس، من خلال خطط إصلاح جذرية للبنية التحتية للطرق، وتحديث آليات الرقابة، وتثقيف المواطنين حول مخاطر الإهمال والقيادة تحت تأثير المواد المخدرة.
لمتابعة احدث الأخبار في مصر اضعط هنا – تابعنا عبر فيسبوك لمتابعة احدث واخر الاخبار عبر صفحتنا في فسيبوك وباقي مواقع التواصل