في عالم سريع الإيقاع يفتقر فيه الكثيرون للوقت الكافي لممارسة الرياضة، جاءت دراسة حديثة لتقلب الموازين: تمارين المقاومة لمدة ساعة أسبوعيًا فقط قد تكون كافية لبناء العضلات وزيادة القوة البدنية. هذا الاكتشاف يعيد تعريف مفهوم التمرين الفعّال ويمنح الأمل لملايين الأشخاص الذين يبحثون عن نتائج دون التفرغ الكامل للجيم.
ما أهمية تمارين المقاومة في بناء العضلات؟
تُعد تمارين المقاومة من أكثر الأنشطة فاعلية لتعزيز الصحة العامة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر ببناء العضلات. فهي لا تقتصر على تضخيم العضلة فحسب، بل تلعب دورًا محوريًا في تحسين كثافة العظام، وزيادة مرونة المفاصل، وتقوية القلب والأوعية الدموية.
بل إن العديد من الدراسات السابقة أثبتت أن المواظبة على هذه التمارين تساهم في الوقاية من الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، إلى جانب تحسين المزاج وتحفيز الطاقة الذهنية.
تفاصيل الدراسة الجديدة: ماذا يقول العلم؟
أجريت الدراسة على مجموعة مكونة من 42 مشاركًا من الذكور والإناث يتمتعون بصحة جيدة ولديهم خبرة سابقة معتدلة في تمارين المقاومة. لم يكونوا رياضيين محترفين، وهو ما يجعل نتائج الدراسة قابلة للتطبيق على جمهور أوسع.
تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى مارست التمارين حتى “الفشل العضلي”؛ أي الاستمرار في التكرار حتى تعجز العضلات عن الاستمرار.
المجموعة الثانية اكتفت بعدد محدد من التكرارات مع الحفاظ على بعض القوة المتبقية في العضلات.
كل مجموعة التزمت ببرنامج لمدة 8 أسابيع، مرتين أسبوعيًا، لمدة 30 دقيقة للجلسة الواحدة. وكانت النتائج واضحة: كلا الفريقين حقق تحسنًا ملحوظًا في القوة وحجم العضلات، دون الحاجة لبلوغ الإرهاق العضلي التام.
البرنامج التدريبي المتبع في الدراسة
تضمّن البرنامج مجموعة من التمارين الأساسية باستخدام الأجهزة والأوزان الحرة، من بينها:
ضغط الكتف بالآلة
القرفصاء باستخدام جهاز سميث
ضغط الصدر
سحب الظهر بالكابل
تمارين الترايسبس والبايسبس
ضغط الساق وتمديدها
كل تمرين نُفّذ بعدد تكرارات يتراوح بين 8 إلى 12، مع فترة راحة مدتها دقيقتان بين كل مجموعة وأخرى.
ماذا تعني هذه النتائج للمبتدئين؟
تكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تُبسط مفهوم بناء العضلات. فالكثيرون يعتقدون أن عليهم قضاء ساعات طويلة في النادي الرياضي لتحقيق نتائج ملحوظة، وهو ما يتسبب في الإحباط والانقطاع.
لكن، ساعة واحدة مقسمة على جلستين أسبوعيًا كافية لبدء تحسين البنية العضلية وزيادة القوة. والأهم، أن التمارين لا يجب أن تكون شديدة القسوة، بل أن تكون مدروسة ومركزة.
هل يمكن الاعتماد على وزن الجسم فقط؟

الإجابة نعم. الدراسة تؤكد أن استخدام وزن الجسم في تمارين المقاومة (مثل القرفصاء وتمارين الضغط) يمكن أن يكون فعّالًا بقدر الأجهزة والأوزان. وهذا يمنح الفرصة للأشخاص الذين لا يمتلكون اشتراكًا في الجيم أو يخشون الإصابة، للتمرن في المنزل بفاعلية.
نصائح لتصميم برنامج تمرين شخصي
إذا رغبت في بدء رحلتك نحو جسم أقوى، إليك خطوات بسيطة لبناء روتين تمرين خاص بك:
حدد هدفك بدقة:
هل تسعى لزيادة الحجم العضلي؟ أم تريد تحسين القوة فقط؟ تحديد الهدف يسهل اختيار التمارين.
اختر التمارين المناسبة:
اجمع بين 6 إلى 8 تمارين تستهدف مختلف العضلات الرئيسية: الصدر، الظهر، الكتفين، الساقين، الذراعين، والبطن.
عدد التكرارات والمجموعات:
ابدأ بمجموعة واحدة إلى مجموعتين لكل تمرين، واحرص على أداء 8 إلى 12 تكرارًا.
لا تهمل الإحماء:
خصص 5 إلى 10 دقائق قبل التمرين للمشي أو الجري الخفيف، حتى تجهّز عضلاتك وتحميها من الإصابات.
راقب الأداء والتقدم:
سجّل تمارينك ووزنك وعدد التكرارات. هذا سيساعدك على قياس التحسن بمرور الوقت.
أهمية الراحة والتغذية
التدريب مهم، لكن الراحة أكثر أهمية. فخلال فترات الراحة، تتعافى العضلات وتُعيد بناء نفسها بشكل أقوى. لذلك، ينصح بتجنب ممارسة تمارين القوة يومين متتاليين على نفس المجموعة العضلية.
كما أن النظام الغذائي له دور حاسم. يجب توفير البروتينات اللازمة لدعم نمو العضلات، إلى جانب الكربوهيدرات التي تمد الجسم بالطاقة، والدهون الصحية.
كلمة أخيرة: لا تتعقّد.. فقط ابدأ
قد يبدو لك أن بناء العضلات أمر يتطلب جهدًا شاقًا وأدوات كثيرة، لكن الحقيقة أبسط بكثير. المثابرة والانتظام هما مفتاح النجاح. وكل ما تحتاجه هو الالتزام بجلسة واحدة أو اثنتين أسبوعيًا، وتحدي نفسك بدرجة معقولة دون الإفراط.
سواء كنت مبتدئًا أو تبحث عن العودة إلى اللياقة، هذه الدراسة تقدم لك خارطة طريق سهلة وآمنة وفعالة.