أعلن نادي موناكو الفرنسي منذ أيام قليلة عن ظفره بخدمات بطل العالم الأسبق، الفرنسي بول بوجبا، بعد انتهاء عقوبة الإيقاف المخففة عن ممارسة كرة القدم بسبب تعاطي مادة منشطة. عودة طال انتظارها لنجم طالما حلم به عشاق اللعبة، كنجم يتزين به خط وسط معشوقهم من أندية كرة القدم العالمية.
لكن مسيرة بوجبا لم تكن يومًا خطًّا مستقيمًا، بل شهدت صعودًا صاروخيًا وهبوطًا حادًا، بين البطولات الكبرى والسقوطات المؤلمة. وفيما يلي نستعرض المراحل الأساسية في مشوار بول بوجبا الاحترافي:
البدايات: موهبة فرنسية تصنع المجد
وُلد بول بوجبا في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، لعائلة مهاجرة من غينيا. منذ الصغر، لفت الأنظار بموهبته الفذّة في خط الوسط، فانضم إلى أكاديمية نادي لوهافر، حيث لمع اسمه سريعًا.
جذب بوجبا اهتمام كشافي مانشستر يونايتد، لينتقل إلى صفوف شباب النادي الإنجليزي، ويبدأ أولى خطواته في عالم الاحتراف بقميص “الشياطين الحمر”.
من المهد إلى المجد: بوجبا ينتقل إلى السيدة العجوز
في صفقة أثارت الكثير من الجدل، نجح المدير الرياضي ليوفنتوس، بيبي ماروتا، في التعاقد مع بوجبا مجانًا بعد انتهاء عقده مع مانشستر يونايتد. وهناك، تحت قيادة أنطونيو كونتي ثم ماسيميليانو أليغري، تفجّرت موهبة اللاعب.
كان بوجبا أحد أركان خط وسط ذهبي ضم أسماء لامعة مثل أندريا بيرلو، أرتورو فيدال، وكلاوديو ماركيزيو. ساهم بشكل كبير في هيمنة اليوفي على الكرة الإيطالية، وكان من أبرز المساهمين في بلوغ الفريق نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2015.
ثمن قياسي… ووفاء لم يُكافأ
في صيف 2016، عاد بوجبا إلى مانشستر يونايتد مقابل ما يقارب 105 ملايين يورو، في صفقة حطمت الرقم القياسي حينها. الصفقة لم تمر مرور الكرام داخل إدارة يوفنتوس، ويُعتقد أنها كانت أحد أسباب رحيل ماروتا، بعد رفضه استثمار المبلغ في صفقة كريستيانو رونالدو لاحقًا.
ورغم الآمال الكبيرة، لم تكن العودة إلى “أولد ترافورد” كما حلمت بها الجماهير. صحيح أن بوجبا حقق بعض الألقاب، كالدوري الأوروبي وكأس الرابطة، لكنه لم يتمكن من إعادة مانشستر يونايتد إلى سابق عهده، وسط أزمات فنية وإدارية طالت النادي بعد اعتزال المدرب الأسطوري أليكس فيرغسون.
قمة المجد: التتويج بكأس العالم 2018
في مونديال روسيا 2018، بلغ بول بوجبا قمة المجد الكروي، عندما قاد المنتخب الفرنسي للتتويج بكأس العالم. سجّل هدفًا في النهائي أمام كرواتيا، وأدى دورًا محوريًا في خط الوسط خلال البطولة بأكملها.
كان ذلك اللقب تتويجًا لمسيرة ناضجة، جعلت من بوجبا نجمًا قوميًّا، وأحد رموز الجيل الذهبي للكرة الفرنسية.
الانحدار… رغم الوفاء
عادت الإصابات لتضرب مسيرة بوجبا من جديد، لتؤثر بشكل ملحوظ على مستواه الفني. عاد إلى يوفنتوس مجددًا كلاعب حر، لكن التجربة الثانية كانت أقل بكثير من الأولى.
في موسمه الأول، تعرض لإصابة طويلة الأمد، ثم جاءت الضربة القاصمة: ثبوت تعاطيه مادة محظورة. صدر بحقه حكم بالإيقاف لمدة أربع سنوات، خُفّف لاحقًا إلى 18 شهرًا، بعد تعاونه مع السلطات الطبية واعترافه الكامل.
وبسبب العقوبة، قررت إدارة يوفنتوس فسخ عقده لتخفيف الأعباء المالية، ليجد بوجبا نفسه في عزلة غير متوقعة.
اعترافات مريرة
في تصريحات مؤثرة، قال بوجبا:
“عندما صدرت العقوبة أصبحت فجأة إنساناً غير مرغوب. لا أحد يريدني، حتى أصدقائي المقربين. ولكن عندما تم تخفيف العقوبة، عادوا فجأة يعبرون عن سعادتهم!”
وأضاف:
“لم أقصد تعاطي المنشطات. أحد المكملات الغذائية التي نصحني بها طبيب أكد لي أنها غير محظورة. أتحمل مسؤولية ثقتي الزائدة دون التأكد من مصادر أخرى.”
ثم اختتم بقوله:
“بعد العقوبة، لم يتصل بي أحد. الجميع ابتعدوا. الآن، سأعود أقوى، وستشاهدون بوجبا أكثر احترافية والتزامًا.”
الفرصة الأخيرة: موناكو ينتظر
الآن، ومع نهاية فترة التوقف، يعود بول بوجبا إلى الملاعب من جديد، وهذه المرة عبر بوابة موناكو. عقد قصير الأمد، لكنه محمل بآمال كبيرة لدى اللاعب لإثبات ذاته.
عند التوقيع، لم يتمالك بوجبا دموعه. دموع امتزجت فيها مشاعر القهر بالتحرر. موناكو قد يكون المنصة الأخيرة التي تسمح لبوجبا بكتابة سطور جديدة في قصته.
لكن السؤال يبقى: هل يستطيع “الفتى الذهبي” أن يستعيد أمجاده السابقة؟ أم تكون هذه الخطوة الأخيرة في مسيرته الكروية؟ الإجابة ستحددها الأشهر القليلة القادمة.
لمتابعة أحدث الأخبار في كرة القدم اضغط هنا – تابعنا عبر فيسبوك لمتابعة أحدث وآخر الأخبار عبر صفحتنا في فيسبوك وباقي مواقع التواصل