في لحظات مفاجئة، شهدت منطقة السيدة زينب في القاهرة انهيار جزء من عقار خالٍ من السكان، ما أعاد الجدل حول سلامة المباني القديمة، خاصة تلك القابعة في أحياء القاهرة التاريخية مثل السيدة زينب. الحادث، الذي وقع خلف مسجد أحمد بن طولون، لم يُسفر عن ضحايا بشرية، لكنه سلّط الضوء من جديد على التحديات العمرانية في قلب العاصمة المصرية.
الاستجابة السريعة… ولكن!
التحرك الأمني والإنقاذي فور وقوع الحادث
تلقت غرفة عمليات النجدة بلاغًا بانهيار جزئي في أحد العقارات، فتوجهت على الفور قوات الحماية المدنية ورجال المباحث إلى موقع الحادث. تم تمشيط المنطقة والبحث أسفل الأنقاض للتأكد من عدم وجود أي مصابين، إذ تبيّن لاحقًا أن العقار مهجور وخالٍ تمامًا من السكان.
كما تولّت الأجهزة المعنية إزالة الحطام وإغلاق محيط المكان لتأمينه، ومنع المواطنين من الاقتراب تحسبًا لأي انهيارات إضافية.
خلفية العقار المنهار
العقار المنهار يقع خلف مسجد أحمد بن طولون، وهو أحد أقدم مساجد القاهرة، ويُعد الموقع جزءًا من منطقة تاريخية تعاني العديد من مبانيها من التهالك العمراني. وعلى الرغم من خلوّ العقار من السكان، فإن وجوده وسط منطقة مأهولة يعزز المخاوف من سيناريوهات مستقبلية قد لا تكون بنفس السلامة.
ملف العقارات القديمة… أزمة مؤجلة
هل يكفي الإخلاء؟
يُعد إخلاء العقارات المهددة بالانهيار أحد الحلول المؤقتة التي تلجأ إليها السلطات لتفادي الكوارث. لكن السؤال الحقيقي هو: هل يكفي الإخلاء وحده دون خطة متكاملة لترميم أو إزالة هذه المباني؟ في حادث السيدة زينب الأخير، جنّبت الأقدار المنطقة خسائر بشرية، لكن في حوادث سابقة، لم يكن الحظ بنفس الكرم.
أهمية الفحص الدوري
غالبًا ما تكشف مثل هذه الحوادث هشاشة البنية التحتية لبعض المباني القديمة، خاصة تلك التي لم تخضع لأي فحص إنشائي منذ عقود. ولأن العديد منها يقع في مناطق حيوية ومزدحمة، فإن تجاهلها قد يعني كارثة في أي لحظة.
السيدة زينب… تراث في خطر
الحي الذي لا ينام
تُعرف منطقة السيدة زينب بنشاطها السكاني والتجاري، وهي من أكثر أحياء القاهرة حيوية. ولكن هذه الحيوية تتقاطع مع واقع عمراني قديم، ومباني تحمل فوق جدرانها عبء الزمن والإهمال.
العديد من العقارات في الحي بنيت قبل عقود طويلة، وبعضها منذ قرن أو أكثر، ومع غياب الصيانة الحقيقية والتجديد الإنشائي، تتحول منازل الأمس إلى قنابل موقوتة فوق رؤوس سكانها.
معضلة بين الحفاظ والهدم
هنا تبرز المعضلة الأزلية: كيف نوازن بين الحفاظ على التراث المعماري وضرورات الأمان؟ هدم المباني القديمة قد يفقد القاهرة جزءًا من هويتها، لكن إبقاءها دون صيانة قد يكلف أرواحًا.
ما المطلوب اليوم؟
خطة شاملة لملف العقارات الآيلة للسقوط
ما تحتاجه القاهرة، وخاصة المناطق التاريخية مثل السيدة زينب، ليس فقط فرق إنقاذ تتدخل بعد الانهيار، بل خطة استباقية لتفقد العقارات القديمة، وتقييم حالتها، وإدراجها ضمن برنامج واضح يشمل:
الترميم العاجل لما يمكن إنقاذه.
الإزالة الآمنة للعقارات غير القابلة للإصلاح.
تعويض السكان المهددين بالإخلاء.
الحفاظ على الوجه الجمالي والمعماري للمنطقة.
دور المواطن والجهات المحلية
لا يقع العبء كله على الحكومة فقط، بل على السكان أيضًا أن يبلغوا فور ظهور أي علامات خطر على بناياتهم. كذلك، على المحليات أن تكون أكثر فاعلية في التعامل مع البلاغات، وتكثيف جولات التفتيش الدورية.
الخطر قائم… ولكن يمكن تداركه
إن حادث انهيار العقار في السيدة زينب جاء هذه المرة دون خسائر في الأرواح، لكنه بمثابة رسالة تحذيرية جديدة. المباني القديمة ليست فقط جزءًا من ذاكرة المدينة، بل أيضًا مسؤولية جماعية تتطلب جهدًا تشاركيًا بين الدولة والمواطنين.
التحرك السريع وحده لا يكفي، فالوقاية خير من التدخل بعد الكارثة. والوقت الآن هو الأنسب للبدء في خطوات جادة لتفادي كوارث قد لا تكون بنفس الحظ في المستقبل.