في مفاجأة علمية قد تُغير نظرتنا لبعض الأطعمة التي نحبها، كشفت دراسة حديثة أن تناول الشوكولاته وشرب الشاي قد يُساعدان في خفض ضغط الدم وتحسين صحة القلب. ليس الأمر مجرد أمنية لعشاق الحلوى أو المشروبات الدافئة، بل هو استنتاج علمي مدعوم بأدلة من عشرات التجارب السريرية.
في هذا التقرير، نستعرض كيف تلعب مركبات “فلافان 3 أولز” دورًا فعالًا في تحسين صحة القلب والأوعية، وأين توجد، وكم نحتاج منها، ولماذا لا تكفي وحدها في السيطرة على ارتفاع ضغط الدم.
ما هي مركبات “فلافان 3 أولز” ولماذا هي مهمة؟
مركبات طبيعية ذات مفعول علاجي
تُعد “فلافان 3 أولز” من المركبات الطبيعية المضادة للأكسدة، وتوجد بكميات متفاوتة في بعض الأطعمة النباتية، أبرزها الشاي، الشوكولاته الداكنة، التفاح، العنب، والتوت. هذه المركبات تساعد في تحسين وظيفة الأوعية الدموية، وتقلل من الالتهابات، وتُساهم في خفض ضغط الدم بطريقة تشبه بعض أدوية الضغط.
كيف تعمل هذه المركبات في الجسم؟
عندما تدخل هذه المركبات الجسم، تعمل على توسيع الأوعية الدموية وتحسين تدفق الدم، مما يقلل من المقاومة التي تواجهها الدورة الدموية، وبالتالي يخفض ضغط الدم. كما أنها تُقلل من ضرر الجذور الحرة، وتحسن مرونة الشرايين.
نتائج الدراسة: ما الذي وجدته الأبحاث؟
تحليل ضخم لـ 145 تجربة سريرية
الدراسة التي نُشرت في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية، قامت بتحليل 145 تجربة عشوائية محكمة شملت أكثر من 5000 شخص، منهم من يعاني من مشاكل صحية مثل أمراض القلب والسكري، ومنهم من يتمتع بصحة جيدة.
نتائج لافتة تعادل تأثير بعض الأدوية
كشفت النتائج أن تأثير مركبات “فلافان 3 أولز” على خفض ضغط الدم كان ملحوظًا لدى الأشخاص المصابين بارتفاع الضغط، ووصل في بعض الحالات إلى مستويات قريبة من تأثير الأدوية التقليدية المستخدمة لخفض الضغط. أما لدى الأشخاص الذين لا يعانون من ارتفاع في الضغط، فكان التأثير طفيفًا وغير ملحوظ.
الشوكولاته والشاي: مفيدان ولكن بشروط

هل يكفي تناولهما فقط لعلاج ضغط الدم؟
الإجابة المختصرة: لا. وفقًا لما أكده خبراء التغذية، فإن الشاي والشوكولاته يمكن أن يكونا جزءًا من نظام غذائي داعم لصحة القلب، لكن لا يمكن الاعتماد عليهما وحدهما للسيطرة على ضغط الدم المرتفع. فالتوازن الغذائي، وممارسة الرياضة، وتقليل الملح، والحفاظ على وزن صحي، كلها عوامل أساسية.
ما الكمية المناسبة من هذه الأطعمة؟
الدراسة توصلت إلى أن تناول جرعة يومية من “فلافان 3 أولز” تتراوح بين 500 إلى 600 ملغم يُمكن أن يُحدث فرقًا. ويمكن الحصول على هذه الكمية من خلال:
2 إلى 3 أكواب من الشاي (الأخضر أو الأسود)
حصة أو حصتين من الشوكولاته الداكنة
ملعقتين إلى 3 ملاعق من مسحوق الكاكاو
تفاحتين إلى 3 تفاحات
مزيج من الفواكه مثل التوت والعنب والكمثرى
أهمية الاستمرار والتنوع في النظام الغذائي
التأثير ليس فوريًا… بل يحتاج وقتًا
لتحقيق نتائج ملموسة في خفض ضغط الدم، لا يكفي تناول هذه الأطعمة لبضعة أيام فقط. أشارت الدراسة إلى أن فترة الاستهلاك يجب أن تتراوح بين 4 إلى 8 أسابيع للحصول على نتائج واضحة. وهذا يعني أن الالتزام على المدى الطويل هو ما يصنع الفارق.
لا تعتمد على نوع واحد فقط
ينصح الأطباء بعدم الاعتماد فقط على الشوكولاته أو الشاي كمصدر للفلافانول، بل من الأفضل تنويع المصادر للحصول على فوائد أكبر دون الإفراط في السكر أو الكافيين.
فوائد صحية إضافية لمركبات الفلافانول
إلى جانب خفض ضغط الدم، تقدم مركبات “فلافان 3 أولز” فوائد صحية أخرى، من أبرزها:
تحسين وظائف الدماغ وزيادة التركيز
تقوية جهاز المناعة
تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان
دعم صحة الجلد وتأخير ظهور علامات التقدم في العمر
المساعدة في التحكم بنسبة السكر في الدم
متى يجب الحذر من هذه الأطعمة؟
رغم الفوائد العديدة، إلا أن هناك بعض التحذيرات يجب مراعاتها:
الشوكولاته الداكنة يجب أن تكون بنسبة كاكاو عالية ومنخفضة السكر
الشاي يجب ألا يُشرب بكميات مفرطة لتفادي الأرق أو اضطراب المعدة
مرضى الكلى أو من لديهم مشاكل في امتصاص الحديد يجب أن يستشيروا الطبيب قبل الإكثار من هذه الأغذية
نصائح سريعة للاستفادة من “فلافان 3 أولز”
اختر الشوكولاته التي تحتوي على 70% كاكاو على الأقل
اجعل الشاي جزءًا من روتينك اليومي مع تقليل السكر
لا تعتمد على المكملات الغذائية فقط، وركز على المصادر الطبيعية
امزج الفواكه الغنية بالفلافانول في وجباتك الخفيفة اليومية
تابع قياسات ضغط الدم بانتظام لمراقبة التحسن
خلاصة المقال: خطوات صغيرة… نتائج كبيرة
تناول الشوكولاته والشاي قد يبدو أمرًا بسيطًا، لكنه يمكن أن يكون جزءًا فعالًا من خطة أكبر لتحسين ضغط الدم وصحة القلب. الدراسة الأخيرة تمنح الضوء الأخضر للاعتماد على هذه الأطعمة، لكن بشرط أن تكون ضمن نمط حياة صحي متوازن.
إن الاهتمام بتفاصيل صغيرة مثل نوعية الغذاء، وانتظام تناوله، والوعي بما يدخل أجسامنا، قد يُحدث فرقًا هائلًا في صحتنا. فليكن الشاي والشوكولاته حلفاءك الذكيين في رحلة الوقاية والتحسين، لا بديلاً عن العلاج أو أسلوب الحياة السليم.